بيانو.. إيشو: عادات شعبية بأدرار احتفالاً بعاشوراء

يعتبر عاشوراء مناسبة دينية معروفة لدى المسلمين، إذ يوافق العاشر من شهر محرم، وهو سبب تسميته بذلك،  لأن  كلمة عاشوراء في اللغة العربية  تعني العاشر في الترتيب.

ويوافق هذا التاريخ (العاشر من شهر محرم) العديد من الأحداث التي تهم المسلمين يأتي في مقدمتها مقتل حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم “الحسين بن علي ابن أبي طالب” وهو كذلك اليوم الذي أغرق فيه  الله فرعون وجنوده ونجا موسى وبني إسرائيل وهو اليوم الذي تاب فيه الله على آدم، و نجا فيه نوحاً من الطوفان وأنزله من السفينة، وفيه أنقذ الله نبيه  إبراهيم من نمرود، وفيه رد الله يوسف إلى يعقوب،  وفيه غفر الله لنبيه داوود، وفيه وهب سليمانَ ملكه، وفيه أخرج يونس من بطن الحوت، وفيه رفع الله عن أيوب البلاء، بالإضافة إلى أن الكعبة  كانت تُكسى قبل الإسلام في يوم عاشوراء.

إذن، نظراً لقداسة هذا اليوم أخذ العديد من المسلمين في الكثير من المناطق العربية يحتفلون به ويترقبون حلوله بمثل لهفتهم للأعياد الدينية الأخرى (عيد الفطر، الأضحى..). ونذكر على سبيل المثال لا الحصر منطقة توات بالجنوب الجزائري التي تعرف طقوساً احتفالية متنوعة ومتعددة في هذه المناسبة، بحيث إن لسكان قصور ولاية أدرار عادات وتقاليد عديدة في عاشوراء توارثوها بينهم عبر الأجيال، وهي تعكس الأبعاد الروحية والاجتماعية لهذه المناسبة الدينية.

     

“بيانو فيك” مقولة شعبية شهيرة يكثر تداولها بين سكان أدرار منذ رؤيتهم لهلال شهر محرّم، قيل أنها ذات أصل أمازيغي “آبيانو”  ، ومنهم من رجّح  أنها عربية الأصل وحاول تفسيرها على أنها مشتقة من البيان وهو الوضوح والظهور، فعبارة بيانو فيك تعني أني تبينت ورأيت هلال الشهر قبلك، فلك أن تعطيني في اليوم التاسع من الشهر إما رغيف خبز أو ما تعدّه الأمهات للأطفال في ذلك اليوم من الحبوب كالفول، الحمص، الجلبانة، أوغيرها من الأطباق الشعبية التي تعدّ في هذه المناسبة، فهذه العادة الشعبية إذن، تعدّ تبركا بيوم عاشوراء الذي يكثر فيه الناس من الصدقات.

إضافة إلى “بيانو” تشهد بعض المناطق بأدرار تظاهرات فلكلورية وطقوس احتفالية ضخمة تلقى في كل عامٍ إقبالاً كبيراً من السكان وحتى من خارج الولاية، نذكر منها قصر تمنطيط الذي تحتضن ساحته الكبرى عشية عاشوراء أنشطة فلكورية متنوعة منها رقصات فرق قرقابو والبارود القادمة من بودة، وتختم بزيارة ضريح «سيدي ناجم»، كما تشهد مناطق توات بأولاد الحاج بزاوية كنتة طقوساً مشابهة لكن ما يميزها رقصة «إيشو» وتعني رجل الليف، يقوم بها فرد واحد يرتدي ليف النخيل على أنغام البارود والزمار يسمى “شوهرمة ” وأشخاص واقفين حوله يرددون مدحات خاصة بالرقصة وهي ثلاث: الأولى هي “بسم الله بديت فنشدي يافاهم دلحديث وصغى لسورى أو بسم الله بديت فايجة تفاجي كل هموم” ثم تليها مرجوعتها : “صلى الله على المصطفى سيدنا محمد نرجى شفاعتو” أما المدحة الثانية فهي “توب ياناس الحال مابقى لينا عالم بعد شريف لعلاوي غاب الفضيل الله يرحمو مولاي اليزيد” ثم تليها مرجوعتها: ” على ربي ياعالم العالي سبحان الوحيد” أما المدحة الثالثة هي“خليناك على خير يارقيق الحاجب ياحادق النسا يامينة في بودلال شبر الميزان او هاني ولي قلتي مقبول يامتين الجيد لسرار” ثم تليها مرجوعتها : “شيخ مبوزيان ياسلطان انت تغيتنا يا والي الله”.

يعرف عاشوراء حضور آلاف الزوار من مختلف ولايات الوطن حتى باتت هذه المناسبة بمثابة فرصة لدعم السياحة وإبراز التراث الثقافي والتقليدي للمنطقة، فتجد كل بيوت السكان مفتوحة لاستقبال الضيوف الذين يأتون دون دعوات مسبقة، إذ تحرص النساء على تحضير الأطباق التقليدية التي تقدم للضيوف، أهمها الكسكس (العيش) وخبز القلة التي تجتمع حولها الناس على مدار يومين (التاسع والعاشر من محرم).

وهكذا تعيش المنطقة هذه المناسبة المباركة في أجواء تقليدية شعبية ودينية، بين أنغام البارود وقرقابو تارة وقراءة القرآن والمتون الفقهية والمديح النبوي تارة أخرى.

بقلم: أميرة عوماري

بعض المصادر: جزايرس/مركز البحث في الأنثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.