الأزمة السورية إلى أين؟

     السوري الأعزل يموت بنيران القصف، ومدن جوعت وأخرى أسقطت فوق رؤوس قاطنيها. سوريا النار والدمار تغرق في فوضى الخلافات بين أبناء الجلدة الواحدة، في حين يراوح الحل السلمي للأزمة السورية مكانه.. فرغم تعاقب المبعوثين الأمميين من كوفي عنان مرورا بالإبراهيمي وصولا لدي ميستورا على الملف، وكذا توالي المؤتمرات والمشاورات، غير أن مفاوضات حلحلة الأزمة السورية تراوح مكانها وهدنة وقف إطلاق النار مهددة بتفريغها من محتواها. فتمسك الأطراف المتنازعة بمفاوضات جنيف وتصريحات وجوب التركيز حول التوافق وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء والإنتقال السياسي في البلاد، وكذا التركيز على الملفات الإنسانية الواردة في القرارات الأممية، قابله غياب تام لإرادة حقيقية للوفود المفاوضة سواء من جهة النظام السوري أو الإئتلاف السوري المعارض، لتنفيذ الانتقال السياسي. ليبقى الحل السلمي بعيد المنال رغم إمكانية تحقيقه عبر تكوين حكومة وحدة وطنية عربية سورية.

     من جهته يكافح دي ميستورا، المبعوث الأممي الى سوريا، لمواصلة المفاوضات بعد أن انسحبت الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية من المحادثات أكثر من مرة، وذلك بسبب تصميم النظام السوري عدم تقديم تنازلات والإصرار على بقاء بشار الأسد في سدة الحكم، والاستمرار في الحل العسكري ضد الجماعات الارهابية عبر المساعدة الروسية الإيرانية من جهة. من جهة أخرى تبقى المعارضة لا تملك الاستقلالية في القرار، فسيد القرار هي الأطراف التي تدعمها بالأموال والسلاح في صورة السعودية تركيا وأمريكا.

    وتبقى جميع الأطراف السورية المعنية بالمفاوضات تفاوض وهي لا تملك قرارها السيادي، فهي رهينة الدول الإقليمية المغذية للنزاع بسبب مصالحها في المنطقة، والراعية في نفس الوقت لمسار مفاوضات جنيف وتعتبر نفسها الآمر الناهي في الملف السوري.

    فرغم أن الأرض سورية والدماء عربية سورية والخلاف بين الإخوة السوريين، غير أن هدنة وقف القتال تمت بعد اتفاقات روسية أمريكية، ما يرهن مستقبل الحل السياسي والسلمي للأزمة السورية التي دخلت عامها السادس وغاب سيد القرار. فالوضع الإنساني المتدهور في سوريا، والمجازر التي ترتكب في حق المدنيين العزل باسم الأحقية في الحكم، يستلزم ترك المصالح والحسابات الشخصية بين الدول والأنظمة جانبا والاتحاد باسم الإنسانية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

بقلم: حسام الدين بقاص/صحفي بقناة الجزائرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.