الجزائر أمام تحديات للحفاظ على الإعتراف بخلوها من الملاريا

منظمة الصحة العالمية تشيد بجهود الجزائر في إستئصال وباء الملاريا نهائيا في ظل إصابة أكثر من 247 مليون شخصا به عالميا تمثل إفريقيا 95 بالمئة منها 

تحتفي الجزائر بخلوها من مرض الملاريا بعد ثلاث سنوات من حصولها على اعتراف عالمي من منظمة الصحة عام 2019 بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الملاريا 25 أبريل حيث استقبلت ولاية أدرار ممثلة المعهد الوطني للصحة و ومثل منظمة الصحة العالمية بمركز مكافحة السرطان والذي حمل شعار الجزائر تخلصت من الملاريا فلنحافظ على هذا الانجاز ، اذ صرحت ممثلة المعهد الوطني للصحة عن خلو الجزائر من الإصابة بمرض الملاريا بإستثناء الحالات التي تم استيرادها من الخارج والمهاجرين والتي سجلت أعلى نسبة لها عام 2020 ب 2700 مصاب من المهاجرين الافارقة ، كما دعت ممثلة المعهد الوطني للصحة لعدم التراجع اطلاقا في مكافحة الملاريا التي بوسعها العودة في أي وقت إذا تم التخلي عن اتخاذ الحيطة الدائمة حيث يعرف العالم حاليا عودة للعديد من الأوبئة القديمة التي عرفتها الإنسانية وهو ما يدعو للسعي للحفاظ على المنظومة البيئية والصحية دوما .


كما أشاد ممثل منظمة الصحة العالمية بجهود الجزائر في الحفاظ على عدم تسجيل أي حالات إصابة للمرض في ظل تسجيل 247 مليون اصابة عالمية تمثل قارة افريقيا 95 % منها وذلك بفضل توفير الكشف والعلاج المجاني في مختلف النقاط والبؤر التي تظهر فيها علامات ظهور الملاريا وكذا النقاط الحدودية مع الدول المجاورة ، داعيا لضرورة الحفاظ على هذا المستوى و مشاركة الجهود الصحية التي توصلت لها الجزائر مع دول الجوار الافريقي .

مصب بوزان وكوسام

قدمت الجزائر إرادة سياسية لمكافحة مرض الملاريا منذ سنوات الاستقلال حيث كان يتم تسجيل 80000 ثمانين الف حالة سنويا ، وحسب تصريح للبروفيسور كمال جنوحات رئيس المخبر المركزي والجمعية الوطنية لعلم المناعة فإنه قد تم رصد الف حالة اصابة ملاريا مستوردة في منطقة تمنراست التي تمثل منطقة  عبور للرعايا الافارقة الوافدين للساحل في حوار له مع الإذاعة الجزائرية ، إذ يعد الجنوب الجزائري حاليا من أكثر المناطق التي توجب توفر الحيطة و الوقاية الصحية بها كونها مناطق العبور الاولى نحو دول الساحل منها ولاية تمنراست وبرج باجي مختار أدرار و تندوف .

قدمت ولاية ادرار عدة برامج للمساهمة في منع ظهور اي حالات لمرض الملاريا وذلك بوضع ميزانيات و برامج لإصلاح منظومة الصرف الصحي بمختلف البلديات التي ستصل  لنسبة 96% مع نهاية السنة الجارية من ثلاث سنوات الاخير بقيمة تعادل 150 مليار سنتيم ؛ كما تم الإعلان عن تغير مصبات شبكات مياه الصرف الصحي في منطقة بوزان و كوسام ووضعه تحت حيز الخدمة وذلك بإنجاز مصب في مسار صخري يبلغ عمقه 17 متر على مسافة  4كلم ، وهما ما سيساهم في منع انتقال الأمراض المتنقلة عبر المياه الكوليرا والملاريا وغيرها من الامراض والاوبئة ، حيث يعتبر هذا المصب من النقاط السوداء في ولاية أدرار التي عانى منها سكان قصري بوزان و كوسام منذ اكثر من ثلاثين عاما  ، كما سيتم دعمها بمحطة تصفية المياه المستعملة بتدفق يصل الى 1.6 متر مكعب في الثانية بمعالجة ما يقدر ب23 الف متر مكعب خصصت لها ميزانية ب300 مليار سنتيم لها ان تساهم في رفع عجلة التنمية ومكافحة انتشار البعوض.

كما عمدت الإجراءات الوقائية بولاية أدرار على توفير العلاج المجانية و توفير المبيدات و آلات مكافحة البعوض بمختلف البلديات و القصور  و يتم استئصال واحد من أهم أسباب انتشار مرض الملاريا المتمثل في المستنقعات ومياه الصرف الصحي التي تنمو فيها حشرات البعوض الناقلة للمرض .

تسعى الجزائر للحفاظ على الاعتراف الرسمي من طرف منظمة الصحة العالمية بخلوها من الملاريا الذي حصلت عليه  لجانب دولة الأرجنتين في 7 مارس من عام 2019 ، لتصبح الجزائر ثان بلد أفريقي يحصل على هذا الاعتراف بعد دولة موريشيوس 1973 ,إذ صرح وقتها الدكتور ماتشيديسو مويتي “…اثبتت الجزائر الآن لبقية البلدان الافريقية أن الملاريا مرض يمكن دحره بفضل قياد البلد و الاجراءات السليمة و الاستثمارات و العلوم السليمة ، وبإمكان بقية البلدان بالقارة ان تستخلص العبرة من هذه التجربة “


حيث تعد الجزائر من أول الدول التي رصدت فيها الملاريا سنة 1880 من طرف الطبيب الفرنسي د تشارلز لويس الفوس لافيران في جيش الاحتلال الفرنسي والذي كان سببا في تعميق أعمال البحث والتجارب العلاجية و إنشاء ثان معهد بحث فرنسي خارج فرنسا بمعهد باستور سنة 1894 والذي كانت له ححلات في إنشاء مخابر متنقلة للكشف عن هذا المرض . و بتأسيس دولة الجزائر المستقلة شكل مرض الملاريا احد اكبر التحديات التي واجهتها الجزائر الذي وصلت لما نسبته آنذاك الى  80 ألف حالة سنويا .

وقد ساهمت جهود الجزائر بتوفير العلاج والكشف المجاني عن المرض بمختلف البلديات من ترصد المرض واستئصال كما تم تجفيف المستنقعات و مصبات مياه المستعملة الغير خاضعة لسبل السلامة . مع توفير آليات لمكافحة البعوض في شتى البلديات .

تخوفات عالمية من ارتفاع نسب الملاريا بإفريقيا

اعلنت منظمة الصحة العالمية عن تخوفات من إرتفاع نسبة الإصابة بالملاريا بدول إفريقيا و عدم تلائم الظروف المناسبة لتحقيق نتائج فعالها , والتي تعود لفساد المنظمة البيئية في هذه الدول وانتشار الحروب الأهلية آخرها الأحداث الحاصلة في السودان في صراعات النزاع بين أفراد الجيش السوداني ومليشيات التدخل السريع , حيث كشفت تقارير صادرة عن المنظمة باستيلاء جهة مقاتلة على أحد المخابر الهامة التي تحوي عينات من أمراض وأوبئة خطيرة كالكوليرا وشلل الأطفال من شأنها أن تشكل خطرا بيولوجي دون الكشف عن الجهة التي تفتعل ذلك .

تدعوا منظمة الصحة العالمية لرفع الجهود لمكافحة انتشار الملاريا الذي أحصت عن 247 مليون مصاب عالميا بالملاريا تشكل أفريقيا نسبة 95% من عدد الاصابات و 96% حالة وفيات حيث تتركز نصف الاصابات في اربع دول افريقية نيجيريا ب31.3% والكونغو الديموقراطية 12.6% وتنزانيا 4.1% و لنيجر بنسبة 3.9% . كما انه قد اودى بحياة 619 ألف شخص عام 2021 يمثل 80 %منهم نسبة الأطفال دون سن الخامسة ، وحسب تصريحات ممثل منظمة الصحة العالمية اثناء حضوره للاحتفاء باليوم العالمي للملاريا بولاية ادرار بأنه يشيد بدور الجزائر في مكافحة المرض و يدتوا الدول الافريقية للأخذ من تجارب الجزائر ، كما أكد عن مساعي منظمة الصحة لتوفير اللقاحات ضد مرض الملاريا بشكل متساوي .بداية من التجارب التي تدعمها المنظمة لتوفير لقاحات RTS.s/AS01


اذ صرحت منظمة الصحة في تقريرها السنوي بأنها تملك كل الأدوات اللازمة للحد من الملاريا ، والتي تشمل توفير اللقاحات والادوية الوقائية ومكافحة ناقلات الأمراض من أجل تحقيق آفاق 2030 المتمثلة في استئصال الملاريا كليا ، وقد تم مؤخرا الموافقة على توفير لقاحات R21/R22 التي من المتوقع أن تستفيد منها دول افريقيا عام 2024 كما يولي الباحثون الأولوية لتوفير لقاحات لا تحتوي مادة الأرتيميسينين بسبب ظهور علامات مقاومة جزئية لها مما يدعو استخدامها مع عقاقير مختلفة حتى تحقق كفائتها

أصبحت الجزائر تصنف من الدول التي تحقق نتائج إيجابية في مكافحة الأوبئة المستعصية واستئصالها وذلك من خلال عدت تقارير تشيد بجهودها من خلال مكافحتها للملاريا والكوليرا والجدري لكن ذلك يضعها أمام تحد أكبر وهو السعي للحفاظ على هذه النسب و مشاركة تجاربها مع دول الجوار الافريقي ، كما قد كشفت ممثلت المعهد الوطني للصحة عن مساعي الجزائر للاستئصال أمراض و فيروسات كالسيدا ، كما على جهودها الصحية  و الوقائية أن تتخذ الحيطة الدائمة لعدم تسرب الأمراض والأوبئة داخل الجزائر مجددا 

كتبه: رافعي محمد محي الدين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.