الجزائر و فيروس كورونا

تعيش الجزائر هذه الفترة وعلى غرار دول العالم حالة استنفار قصوى، وفرض صارم لحظر التجوال والحجر المنزلي الجزئي على تسع ولايات وقد يزيد، بسبب وباء كورونا_كوفيد19_ ، الذي ينتشر بسرعة مخيفة كالنار في الهشيم، والسيد عبد المجيد تبون يجد نفسه أمام تحد صعب، هذا بعد مرور ما يزيد عن 100 يوم، منذ توليه سدة الحكم، ومباشرته تجسيد الالتزامات التي وعد بها الشعب.

غير أن واقع الجزائر اليوم، ما هو سوى تراكمات لما خلّفته العصابة السيئة الذكر، من شلل في جل قطاعات البلاد، وفساد كالفطريات لايتوقف عن التكاثر في جميع الأصعدة، وكأنهم تعمدوا أن يدخلوا هذا الوطن وشعبه المغلوب على أمره، في نفق مظلم يعسر النفاذ منه، سيما وأن الجزائر كانت تعيش بحبوحة مالية مريحة جدا في بعض الفترات، وتجاوز احتياطها الصرفي المليرات بالعملة الصعبة، غير أن هذه الأموال تبددت وتلاشت ولم يُفد منها الوطن إلا النزر اليسير.

واليوم فيروس كروونا يعري المخبوء، ويضع الحكومة أمام ما يلزم القيام به مستقبلا، وما هي نقاط التي يجب تداركها في أسرع وقت ممكن، والمحن تحمل في طياتها بذور الـــمِنَح لو حَسُن استغلاها، فللأسف رغم أهمية الصحة والتعليم في معادلة التنمية والحضارة والبناء، يظلان يرزحان تحت الركود والرداءة، وعند الشدائد تتهاوى أسماء الفنانين والممثلين واللاعبين، ولن ينقذ البلاد غير المعلم والطبيب، فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

كم من الملايين صرفت على الشطيح والرديح، مع احترامنا للفن الهادف القويم، لكن بالمقابل أهمل المعلم بغبرطة مع سبق الإصرار والترصد وإضرابات لا تتوقف، وأطباء بين كر وفر وراتب لا يعدل معشار ما يتقاضاه لاعب كرة احتياطي في نادي اتحاد العاصمة أو مغن مشهور يقضي ساعة على مسرح الكازيف، ونريد بعدها دولة قوية تعرف كيفية إدارة الأزمات والتعامل معها بحكمة وذكاء، فمادام وضع التعليم والصحة في الحضيض لن نتقدم ولو خطوة للأمام، ومعركة السميد والفرينة في الأسواق، ومسلسل تجار المضاربة الذين يستغلون هذا الوضع الأليم، ويصطادون في المياه العكرة، ويحرقون جيب المواطن الزوالي بلا رحمة، ماهم  كذلك إلا نتاج لما تقَدَّم ذكره.

كما أن فيروس كورونا أغلق الجامعات والمدارس والأسواق، وذلك خوفا من تفاقم انتشار الوباء، لكن الدول ذات التدفق العالي للنت، شرعت في التعليم عن بعد، كما لجأت لاقتناء حاجياتها عبر الخدمات الألكترونية والباطاقات المغناطيسية، فشهدت المتاجر الإلكترونية أرباحا ضخمة، بسبب الطلبات الكثيرة التي يستقبلونها يوميا، وسرعة الأنترنت متاحة لكل الدول، المتخلفة منها والمتقدمة والسائرة في طريق النمو، فالمغرب وقطر ورواند مثلا وغيرها من بلدان العالم الثالث، تشهد تدفقا هائلا للنت، ساعدها لأكمال مواصلة الدراسة عن بعد عبر سكايب وعقد اجتماعات وغير ذلك، بل أعفي الزبائن من دفع الاشتراكات لتصبح مجانية نظرا للوضع الراهن، ومن المضحكات المبيكات أن الجزائر في ذيل تصنيف الدول ذات التدفق الضعيف جدا، فكيف لها بالتعليم عن بعد والخدمة الإلكترونية، وأنت بالكاد تستطيع تحميل فيديو قصير على اليوتوب، أو تحميل صورة في الانستغرام أو كتابة تغريدة في التويتر، ناهيك عن الإنقطاعات المتعددة ودونما سابق إنذار، بسبب قرش البحر اللعين الذي يقطع الألياف البصرية التي تصلنا بالنت من إيطاليا وإسبانيا، كلما سنحت له الفرصة لذلك، على حد قول وزيرة السابقة للإعلام…..يتبع….

مبروكي محمد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.