المهرجان الوطني الثقافي للأهليل في تيميمون: تعزيز وحماية تراث الأهليل قورارة

https://www.facebook.com/photo/?fbid=910543734411311&set=a.493110046154684&locale=ar_AR

شهدت ولاية تيميمون إقامة الطبعة السادسة عشرة للمهرجان الوطني الثقافي للأهليل في إطار فعاليات شهر التراث ، والتي عرفت مشاركة واسعة ومتنوعة من الجهات المعنية بالحفاظ على التراث الثقافي الجزائري.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=910543734411311&set=a.493110046154684&locale=ar_AR

تضمنت فعاليات المهرجان العديد من الأنشطة المتنوعة والمثيرة، حيث شهدت الندوة الفكرية حول “القصص القرآنية في قصائد الأهليل” بالإضافة لإقامة ندوات علمية تمحورت حول التعريف بتراث الأهليل وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال لإنقاذ هذا التراث الثقافي من الاندثار والضياع.

السهرات الفنية المتنوعة في المهرجان شهدت مشاركة فرق فلكلورية مميزة من مختلف المناطق، حيث قدمت عروضًا تعكس جمالية وتنوع التراث الثقافي للمنطقة. برنامج السهرات شمل أيضًا مسابقة في العزف الفردي على آلة التامجة وآلة البنڨري، ما عزز المشاركة الفعالة والاهتمام بالفنون التقليدية.

الأهليل تراث قورارة العريق 

يُعد فن “أهليل قورارة” جزءًا حيويًا من التراث الثقافي الشعبي الجزائري، ومنذ اعتراف اليونسكو به كتراث عالمي غير مادي في عام 2008، أصبح هذا الفن المميز محورًا للانتباه والعناية من قِبل السلطات الثقافية والمجتمع على حد سواء. يعتبر “أهليل” تعبيرًا فنيًا عن الموروث الشعبي لمنطقة قورارة، حيث تجتمع فيه القصص القرآنية بالعناصر الثقافية المحلية بشكل مميز.

فالأهليل قورارة هو تراث شعبي جزائري عريق يحمل في طياته جذوراً عميقة في تاريخ الأمازيغ، وقد استمد اسمه من تفسيرات متعددة. يعتقد بعض الناس أن الاسم مشتق من “أهل الليل” نظراً لأدائه في الليل، في حين يعزو البعض الآخر الاسم إلى الهلال، كما يرون آخرون أنه جاء من “التهليل لله” أو “لا إله إلا الله” .

يعد ترسخ في منطقة قورارة بتميزه بعناصر المتنوعة تجمع بين الشعر والموسيقى والرقص إذ يُؤدى الأهليل في المناسبات الدينية والاجتماعية مثل الأعراس، ويشارك فيه نحو مائة شخص يرتدون أزياء تقليدية خاصة بالحفل، حيث يشكلون دائرة حول المغني ويؤديون الرقصات التقليدية .

https://www.facebook.com/photo/?fbid=910543734411311&set=a.493110046154684&locale=ar_AR

تعد الباحثة الجزائرية هاجر حمداوي من بين أولئك الذين قدموا تحليلًا لاسم “أهليل”، حيث تُرجح أن التسمية مشتقة من “أهل الليل” نظرًا لأن الأداء يتم في الليل، أو أنها ترتبط بالهلال، أو ربما تكون مشتقة من تهليل الله. يُعد “أهليل” تعبيرًا عن التقاليد والقيم الاجتماعية والدينية للأمازيغ في منطقة قورارة بولاية أدرار.

الأهليل يشكل مزيجًا متنوعًا من الشعر والموسيقى والرقص، و يستعرضه مجموعة من المشاركين الذين يرتدون أزياء خاصة تُعرف بتشامير وتافيلاليث، ويحيطون بالمغني ويشاركون في حركات راقصة تدور حوله ببطء. يُعتبر هذا الفن مصدرًا للفخر الوطني ووسيلة لصيانة الهوية الثقافية للشعب الأمازيغي

كما يشكل الأهليل مظهرًا فنيًا روحانيًا عميقًا، يعبر عن جوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لسكان الصحراء الجنوبية في الجزائر و يتميز هذا التراث بديوان شعري ضخم يحتوي على أشعار تعكس مختلف جوانب الحياة والمعتقدات الثقافية للسكان، مع تأثير واضح من عناصر الحب الصوفي.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=910543734411311&set=a.493110046154684&locale=ar_AR

يعد مولود معمري من أوائل الكتّاب الذين ألقوا الضوء على هذا التراث، وقد قام بدراسات معمقة للأهليل ومعايشته الميدانية، مما ساهم في توثيق وفهم هذا الفن الشعبي بشكل أكبر حيث كرّس حياته لدراسة وتوثيق الثقافة الأمازيغية و استنادًا إلى الجهود البحثية والتوثيقية لمولود معمري، تم إدراج تراث الأهليل في قائمة التراث اللامادي للإنسانية من قبل منظمة اليونسكو، وذلك تقديرًا لأهمية هذا التراث في الحفاظ على الهوية والثقافة المحلية .

ولحد اليوم  يسعى الباحثون والأكاديميون بالجزائر على مواصلة العمل المبذول لحماية ونقل هذا التراث إلى الأجيال القادمة، بما يسهم في الحفاظ على الهوية والروح الثقافية للأهليل 

الاهليل تراث يأبى  الاندثار 

رغم تسجيله كتراث عالمي غير مادي من قبل اليونسكو، إلا أن هذا الفن الشعبي يعاني من نقص في المواسم التي يتم فيها تقديمه ومشاركته، وذلك بسبب عدة عوامل منها هجرة الشباب إلى المدن وتفضيل بعض الأشخاص للتسجيلات الصوتية عوضًا عن الإشتراك في العروض المباشرة.

و للتغلب على هذه التحديات، يجب تكثيف الجهود للحفاظ على هذا التراث ونقله إلى المستقبل و ينبغي دعم المناسبات التي تعرض فيها الأهليل وتشجيع المشاركة الشبابية في تعلمه واستمراره كما يجب على المجتمع المحلي والجهات المعنية بالثقافة تعزيز دور المهرجانات الثقافية والفنية في تسليط الضوء على هذا التراث الشعبي وتوفير الفرص للشباب للانخراط والمشاركة الفعالة في تطويره ونقله إلى الأجيال القادمة.

تعد المناسبات الثقافية والفنية فرصة مهمة لتحفيز الاهتمام بالأهليل وتعزيز التفاعل معه بين الشباب بالتعاون مع الجمعيات المحلية والمؤسسات الثقافية، يمكن تنظيم دورات تدريبية وورش عمل لتعليم الشباب فنون وتقنيات الأهليل، وذلك لتعزيز المشاركة الفعالة والتفاعلية في هذا المجال من خلال تكثيف الجهود المشتركة وتعزيز دور المجتمع المحلي والثقافي، يمكن الحفاظ على تراث الأهليل وتعزيز دوره في الحياة الثقافية والاجتماعية للمجتمع. إن التوعية بأهمية هذا التراث وتشجيع المشاركة الشبابية في تعلمه واستمراره يعدان أساسيين لضمان إستمرارية هذا الفن الشعبي القيم.

كتبه : رافعي محمد محي الدين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.