اليوم العالمي للتصحر يناقش مشاكل المرأة و حقوقها في الأرض

إحتفت دار البيئة بولاية أدرار باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف والذي حمل هذه السنة عنوان المراة ارضها وحقوقها بمشاركة مديرية المصالح الفلاحية وغرفة البيئة لجانب المعهد الوطني للأبحاث الفلاحية لولاية أدرار ، إذ تم إلقاء مداخلات ناقشت ظاهرة التصحر والجفاف وكيفية معالجتها ، حيث ركزت الجلسة على مناقشة ظاهرة التصحر متناولة إسهامات المرأة في مكافحة التصحر وكذا التقنيات المستخدمة في مكافحة الظاهرة لجانب معالجة المشاكل القانونية التي تواجه المراة فيما يخص حقوقها في الأرض والحصول على الميراث واراضي الحبوس , حيث عولج مفهوم كلمة التصحر والجفاف و الحلول التي قامت بها محافظة الغابات في هذا لصدد ، فيمثل التصحر واحد من أهم العوائق الفلاحية في ولاية ادرار التي تعاني من خسارة الأراضي الفلاحية بسبب زحف الرمال للأراضي الزراعية ، وتدهور القدرة الإنتاجية للأرض وخصوبتها راجع لقلة تساقط الأمطار ، و إنجراف التربة و زحف الرمال بسبب الرياح الموسمية والتي ينشئ عنها تعرية الاراضي الزراعية و تخريبها ، وبعيدا عن أسبابه البيئية فإن الضغط السكاني و تعدي الإنسان على الغابات والأشجار قد يكون من أهم الأسباب لانتشار التصحر ، فيما يساهم بعض البشر لتنفيذ مشاريع البناء في المناطق الزراعية أو يتسببون في تغيير مسار الكثبان الرملية التي تزحف نحو المزارع والبساتين ، كما يعد تخريب الآبار واستغلال المياه الجوفية بشكل سيء من أهم الأسباب البشرية المساهمة في تملح التربة وارتفاع معدل الحموضة والأملاح التي تقتل النبات ، ويساهم الرعي الغير المنتظم أيضا في إزالة الغطاء النباتي وتعرية للأراضي مما يسبب الجفاف و زحف الرمال بشكل سريع .

تعمل حاليا محطة الأبحاث الغابية على اكتشاف تقنيات من شأنها مكافحة التصحر وذلك من خلال تقديم عدة إرشادات تكمن في إستغلال المحيطات الزراعية و الفارغة حول البساتين لتصبح كأحزمة خضراء تواجه زحف الرمال ، كما كشف مدير محطة الأبحاث الغابية من خلال مداخلته عن تواجد أكثر من طريقة بوسعها أن تساهم في منع زحف الرمال أو ما يطلق عليه بالترمل والذي يكون بشكل طبيعي من خلال غرس الاشجار في محيط المناطق الزراعية او الاعتماد على الجدران الطينية و التقليدية التي يتم صنعها بجريد وسعف النخيل ، بينما تتواجد طرق حديثة تتمثل في الأحزمة الصناعية الخضراء و التي تكمن في جدران صناعية يتم تركيبها في شكل أحواض تمنع زحف الرمال ،

كما دعى من خلال مداخلته لضرورة إستغلال المصدات الطبيعية بجعلها مصدرا للثروة الفلاحية او جعلها مراكزا للترفيه ، كالاعتماد على الاشجار المناسبة للمناخ الصحراوي كالهجيج والتي تمكن من ضد الرمال وفي الوقت ذاته تقدم تظليلا للمحيطات كما أن زيوتها تشكل مادة هامة في العديد من الصناعات بيد أنها لا تحتاج لكميات عالية من المياه وتنمو بشكل طبيعي دون الحاجة للرعاية من طرف البشر ، و تواجدها سيكون فرصة للرفع من رطوبة الجو و البيئة المحيطة مما يجعلها تشكل غابات طبيعية بوسع الإنسان أن يستغلها للاستجمام أو تربية الحيوانات وحتى استغلالها في تربية النحل ، كما أضاف من خلال مداخلته بأن الصمغ العربي يشكل ثروة إقتصادية هامة ومطلوبة بشدة في السوق العالمية فإذا ما استغل زراعة أشجار الصمغ العربي الذي يشكل ثروة هامة تدخل في عدة صناعات غذائية وصناعية فإننا سنفوت على أنفسنا فرصة لن تعوض على الإطلاق .
إن مكافحة التصحر من خلال تكوين غابات من الأشجار سيكون قوة إقتصادية و محمية بيئية تحمي الثروة الزراعية من الهلاك و تساهم في خلق أراضي خضراء واسعة .

المرأة و الأرض قصة حب مطلقة و إجحاف في الحقوق
تمثل زراعة الأرض أهمية خاصة لدى الفلاحين الذين يسعون لجعلها مصدر رزق يؤمن غذائهم ومصادر عيشهم ، حيث تشكل المرأة جزءا هاما في هذا المجال الفلاحي كونها من تقوم بالمساهمة في فلاحة الأرض و فرز المحاصيل و جمعها وفي غالب الأحيان يتم استغلالها في عمليات جمع الحشائش و الأعشاب الضارة ، كما تكتنف العديد من النساء ممارسة الفلاحة بشكل يومي على أراضيهن الخاصة أو التي يحصلن عليها عبر الوراثة من الأهل أم الزوج ، لكن بعض القوانين والقواعد الإجتماعية قد تشارك في حرمانها من الحصول على حقوقها الخاصة في الحصول على قطعة أرض تمارس فيها الفلاحة والمهنة التي تمثل شغفها بالطبيعة .

فقضية ملكية المرأة للأرض هي من أكثر القضايا العالمية التي تجتهد منظمات حماية حقوق الإنسان لتقويمها بما يتماشى مع حق المساواة وتحسين الأحوال الإجتماعية للنساء بعيدا عن التحيز الجنسي ضد المراة ، و الذي يرضخ لعدة عوانل منها أن يتم تسجيل الأراضي وملكيتها للأب أو الزوج ، أو أن يتم سلب الأرض من الأرامل والمطلقات و من النساء اللواتي يتزوجن مع رجل من منطقة مخالفة ، إذ يتم حرمان المرأة من الميراث حتى لا يشارك زوجها معهم في إمتلاك الأرض ، إذ كشفت ابحاث جامعية بأن هذه الأعراف تعود لأكثر من ثلاثة قرون وبالتحديد
1749 حيث تتميز العديد من القرى والأرياف بهذه الظاهرة كعرف متوارث كون الأرض الفلاحية تمثل مصدرا عقاريا وماليا هاما لا يجب أن يتقاسمه معهم شخص أجنبي ، وهما ماكان يفرض ذهنية العروشية و فرض تزويج النساء مع أبناء العائلة او القرية فحسبما كشف عنه بحث المؤرخ أرزقي فراد بأن قصة هذا العرف تعود لحادثة ترجع ل1749 بمنطقة القبائل سببها بدات عندما تم حجز بحارة عثمانيين في الاندلس لمدة تراوحت لعشرين عاما حينها تزوجت نسائهن الجزائريات مع رجال آخرين وإنتقلت معهن ملكية الأراضي ، وبعدة رجالهن السابقين من الحجز وقعت حرب أهلية تم فيها الاستيلاء على الأراضي ، حينها عقد أعيان المنطقة ونبلاؤها عرفا يقتضي بحرمان المرأة من الميراث ، حتى لا ينتقل حقها إلى زوجها الغريب عن الأرض و سعيا منهم للحفاظ على مقومات الأسرة و العرش ، ومن بعدها انتقلت قواعد هذا العرف الذي أصبح متداولا لدى العديد من القرى والأرياف حتى يومنا هذا ، و تسود في الجزائر أيضا أعراف وقواعد أخرى تسعى لحرمان المرأة من التصرف بميراث الأرض باستغلال مايسمى بحبس الأرض أو الحبوس بتعزيز أعرافهم بالقواعد الدينية والشرعية حيث يمنع على المرأة التصرف بإرثها أو أن تصبح الأرض التي ترثها المرأة محل أطماع اخوتها الذكور فيتم إقناعها للتنازل عن حقوقها في الأرض ، إذ يرى الإخوة بأنه لا يحق للأصهار مشاركتهم في أراضيهم التي تنتمي لعائلتهم ، وهو ما يجعلها قضية نزاع تسود محاكم الأسرة و الميراث .
“الأرض عندما تحبها تعطيك الكثير “
هيري حليمة سيدة تمتهن الفلاحة بولاية ادرار
تقول السيدة هيري وهي فلاحة وتعمل في مصلحة النظافة بدار الثقافة ولديها شهادة في الإقتصاد تعمل السيدة هيري في أرضها التي ورثتها عن عائلتها وتمثل لها مكسب عيش و أم ن غذائي ذاتي حيث ذكرت من خلال مناقشات ملتقى التصحر والجفاف الذي تناول موضوع المرأة أرضها وحقوقها بأنها قامت بعدة نشاطات كزراعة التوابل التقليدية والتجارة بها وكذا صناعة الأجبان و تعمل على زراعة أنواع مختلفة من الخضار بشكل بيولوجي وآمن بعيدا عن المواد الكيميائية حيث أنها تعتمد على استخدام الأسمدة الطبيعية في عملها و تعتمد على بقايا القهوة في محاربة الطفيليات والأمراض .

إن دعم حقوق النساء في الحصول على أراضيهن و إعطائهن حق التصرف من شأنه أن يقدم فرصة مهمة للمجتمع حتى ينمو فكر إستصلاح وفلاحة الأراضي فمن خلال المناقشات في الملتقى برزت قصص نجاح عدة سيدات دخلن في مجال الفلاحة وزراعة للأراضي كما قدمن عدة إقتراحات في الإستفادة من الماشية في تسميد الأراضي الفلاحية ، حتى أن بعضهن قد إستغلين فرصة التقاعد من العمل لممارسة مهنة الفلاحة وخدمة الأرض كالسيدة بهادي آمال والتي كانت موظفة في ولاية أدرار ككاتبة للوالي خلال 1974 1990 و أحيلت للتقاعد 2003و لها جمعية تختص بالصناعات التقليدية وإسهامات المراة بمسمى جمعية رحمة لتعليم المراة في الصناعة التقليدية والعصرية وهي تشرف على أرضها رغم كل العوائق التي تواجه الفلاحين والفلاحات على قدر سواء وهو فيما يتمثل في أبسط الأشياء كتوفير حفر الآبار التي تكلف أكثر من 140 ألف دينار جزائري فضلا عن العوائق الإدارية التي تجول دون تقديم المنح و الأسمدة في أوقاتها قبل نهاية مواسم الزراعة ، أو أن تكون الأراضي الخاصة بهن محل نزاع أسري أو الحبوس ، ومن جهة أخرى تجد العديد من الفلاحات صعوبة الحصول على أراض فلاحية بالقرب من سكناهم لعدم تمكنهم من التوجه نحو المناطق البعيدة وعدم توفر وسائل للنقل ، وما قد يشكله المنظور الإجتماعي ضد خروج المراة بمفردها في المناطق البعيدة .
إن فلاحة الأراضي في المناطق الصحراوية ضرورة قصوى لتفادي التصحر خلق غطاء نباتي أخضر يغير من النية البيئية لطبيعة الأرض ، لكن العديد من الآفات الإجتماعية كحرمان المراة من حقوقها قد يتسبب في إعاقة تقدم العديد من الإنجازات الفلاحية و الصناعية ، فيما يمثل كفاح المراة وإسهامها في إنجاح زراعة الأرض و فلاحتها فرصة هامة لمحاربة التصحر و إعادة النظر في الأعراف القديمة التي تتسبب في تخلف تطور المجتمع .