شهدت جلسة المناقشة لكتابٍ الأخيرة التي احتضنها مركز الجواهر بأولف استضافة الموهبة الجديدة “ إيمان قدي” المهتمة بالكتابة في فن الخاطرة لمناقشة مؤلفها و إصدارها الأول المعنون ب ” بوح الروح” حيث تمت مناقشتها من قبل الأستاذ الشاعر ” عبد القادر أعبيد” و الأستاذ المهتم بالتراث ” يوسف أعبيد”
حضر الجلسة مجموعة من الأساتذة و المثقفين و الشعراء و محبي وأقارب الكاتبة الذين أثروا الجلسة بمجموعة من الأسئلة و التعقيبات و الإضافات التى حاولت الكاتبة أن تجيب و تعقب عليها محاولة بذلك توضيح وجهة نظرها. على شاكلة السؤال الذي وجه للكاتبة مفاده ” لماذا العنوان “بوح الروح؟ بدل ” بوح الضمير” فكان الجواب أن التعبير الأدبي و المجازي يعطي جمالية و بعداً للعنوان فيجعل القارئ يفكر في عدة احتمالات.
و على هامش الجلسة كان لنا حوار مع الكاتبة حول بداياتها مع الكتابة و مؤلفها و ظروف إصداره، و ما العقبات التي واجهتها، و كذلك مشاريعها المستقبلية. فعن بدايتها مع الكتابة قالت أنها كانت مع التعابير المدرسية حيث لاقت استحساناً من طرف أساتذتها في مرحلتي المتوسط والثانوي. لكن الانطلاقة الحقيقية كانت عندما حفزتها وشجعتها صديقتها الكاتبة “خولة بن عمار” صاحبة كتاب “متشائلة” حيث قالت لها تستطيعين! فكانت البداية من هنا. و عند سؤالها عن مؤلفها “ بوح الروح “و ظروف إصداره” فكانت إجابة الكاتبة أن كل بداية تكون صعبة و خاصة لكاتبة ناشئة في بيئة صحراوية بعيدة عن دور النشر، حيث أن بٌعد دور النشر و صعوبة التنقل أحياناً لمسافات طويلة من أجل التصحيح أو الطباعة قد تثني الإنسان عن المواصلة، إضافة لطبيعة الفتاة و صعوبة تنقلها لوحدها أيضاً هو عبءٌ إضافي، ومع ذلك فقد كانت هذه التحديات سلماً صعدته لأصل لهدفي، و هذا بمساعدة و تشجيع عائلتي و محيطي مادياً ومعنوياً، و لا أنسى أصدقائي الذين ساندوني و ساعدوني و وقفوا معي في كل صغيرة وكبيرة وخاصة كتاب المنطقة الصاعدون ومن بينهم: عبد الرحمان بيدي، لمياء أودرن، بلقيس بوشنة، إدريس بوكار. و عن سؤالها حول الرسالة التى تتبناها من خلال الكتابة و مشاريعها المستقبلية، أفادت الكاتبة أن هدفها أن تكون لها بصمة في إثراء الساحة الأدبية و إضافة معارف و تجارب تفيد من سيأتي بعدها. و هذا من خلال تطوير أسلوب كتابتها و تنويع الأفكار و السعي لإصدار المزيد من المؤلفات بمادة أدبية أعمق و أسلم. و تستطرد الكاتبة في الإجابة عند سؤالها ما النصيحة التي تقدمها للشباب مثلها و للقادمين فسردت مجيبة أن على الشباب من جيلها الذين يمتلكون مواهب أن يستغلوها و أن يتحلو بالصبر و النفس الطويل، ثم الثقة بالنفس و تعزير الإمكانيات الأمر الذي يجعل الواحد يستمر متمسكاً بحلمه. فلا شيء يأتي على طبق من ذهب، فالحلم لا بد أن يتحقق يوماً إن وجدت الإرادة و المثابرة.
من جهة أخرى رصدنا انطباعات و ملاحظات وانتقادات بعض الحضور الذين تباينت آراؤهم حول الكتاب من حيث المضمون و لغته و لكن كان الاتفاق حول متعة الجلسة و فائدتها. فعند سؤال الأستاذ “ البركة بن مختار ابليلة( أستاذ الأدب العربي – تعليم ثانوي) عن رأيه حول الجلسة و الكتاب كانت إجابته أن جلسة المناقشة كانت ماتعة و ممتعة، أما الكتاب “بوح الروح” فعنوانه هو العتبة الأولى لفهم مضمونه، و الذي هو عبارة عن خواطر مليئة بالعواطف الممزوجة بالأمل تارة و التفاؤل تارة أخرى و يضاف إلى ذلك الشعور بالحيرة والفراغ والندم والخيبة الذي يخالج الكاتبة و على العموم فمعظم خواطر الكتاب هي عبارة عن تجارب شعورية خاصة ترتبط بحياة الكاتبة و محيطها. و الشيء الملاحظ أن لغة الكتاب سهلة ممتنعة بسيطة و واضحة خالية من مفهوم الخيال أو ما يطلق عليه الصنعة وهذا راجع إلى عفوية الكاتبة و عدم القصدية… أما فيما يخص شخصية الكاتبة فهي بحاجة إلى ى تطور في مجال فن الرد و الخطاب والمناقشة و الالقاء… و هذا ما يسهم في فهم شخصيتها و تقريبها للقارئ.
من جهته أبان الأستاذ المناقش ” عبد القادر أعبيد” أن الكاتبة تناولت أغلب المشاعر الإنسانية في كتابها حيال الفرح والحزن والألم الوفاء الخيانة الصداقة… و أضاف أن الترتيب الألفبائي للخواطر ليس معتاداً ولكنه يقدم على الأقل تبريرات لوجود النص في مقدمة المجموعة أو في آخرها. و يواصل الأستاذ ملاحظاته بقوله أن بعض الخواطر تشي بوضوح بكتابتها كمذكرات يومية أكثر منه كونها خواطر ذات بعد أدبي فني و لكن هذا لا يعيب النص و يبقى أن نتناول العمل بقراءة أكثر عمقا للوقوف على جميع الأخطاء اللغوية نحويا وجمالياً و البحث عن التناصات ومعرفة مقدارها وأثرها على العمل.
أما عن الكتاب ذاته فكانت انطباعات الأستاذ كالتالي:
الغلاف مقبول، العنوان جميل لافت، المقدمة اختلطت بالتقديم، و اللغة جيدة عموما ولكن فيها الكثير من الأخطاء على المستويين النحوي الصرفي، وعلى مستوى التركيب أحيانا بسبب الإستسلام لتراكيب جاهزة أو بسبب محاولة تعديل النصوص لتوافق النشر.
و يضيف الأستاذ المناقش يوسف أعبيد ( أستاذ تعليم متوسط، مهتم بالتراث، شاعر و مدون)
أن الإصدار يلقي حجراً في المياه الراكدة و يحرك المشهد الأدبي والثقافي لمنطقتنا. فالكتاب مكتوب بأسلوب أدبي سهل الاقتحام للناشئين و المبتدئين و لكنه صعب في تلقي جمهور القراء المخاطبين و الباحثين عن ذواتهم في كل ما يقرؤون و يتوقعون. فالكتاب من حيث القيمة الأدبية و الفنية جيد مقارنة بعمر الكاتبة و رصيدها الأدبي و مستواها التعليمي، غني بالأحاسيس و المشاعر الإنسانية و الروحية و اللغة و الأسلوب بسيط غير متكلف و هذا ما يجعل القراء حسب فئاتهم المختلفة ينقسمون حول القيمة المضافة للكتاب. فالمتضلعون أدبياً و الذين يعتبرون من الحرس القديم سيركزون على مواءمة النص لقواعد اللغة العربية و بلاغتها و متانة التعبير و غيره و أكيد سيكون نقدهم في هذا المنحى. أما الشباب المندفع من جيل الكاتبة سيركز على ما قدمته من شعور يمكن أن يشاركوه و الذي عبرت به الكاتبة عن نفسها و عنهم .
تبرز مثل هذه الجلسات مكامن الشباب الصاعد هي منابر مفيدة وضرورة استمرارها واجب على من لهم صلة بالثقافة. فالشاب الذي يجد الفضاءات التي تحتضن أفكارها و إبداعاته من كتابات و غيرها سيبدع أكثر و يعطي أكثر لأن اختصار الطريق عليه بإظهاره للعامة و تقديم النصائح والانتقادات البناءة ستقوي بناءه على مستوى شخصة و مستوى إنتاجاته.
كتبه : محمد الدباغ
بارك الله فيك وزادك الله من فضله. كل خير
نحن فخورين بك وبما قدمته للمنطقة من كتابة نثرية حداثية تجعل القارئ متلهف لرؤية المزيد من ابداعاتك،
بالتوفيق إليك وننتظر المزيد من المؤلفات
كما اشكر الأستاذ محمد دباغ على هذا المقال النير.
شكرا لك لمرورك الكريم