تسجيل أرقام قياسية في إرتفاع درجات الحرارة عالميا

تشهد ولاية أدرار الجزائرية موجة حر غير مسبوقة خلال صيف 2024، حيث تجاوزت درجات الحرارة مستوياتها الموسمية المعتادة بكثير. ووفقًا لتقارير الديوان الوطني للأرصاد الجوية، فإن درجات الحرارة في المنطقة سجلت أرقامًا قياسية، مما أثار قلق المواطنين والسلطات المحلية على حد سواء إذ أشارت السيدة بن رقطة، مسؤولة الاتصال بالديوان الوطني للأرصاد الجوية، لوكالة الأنباء الجزائرية، إلى أن الديوان قد أصدر تنبيهًا بشأن موجة الحر هذه، معلنًا عن درجات حرارة تصل إلى 47 درجة مئوية في شمال تمنراست، وأدرار، وورقلة. كما توقعت ارتفاع درجات الحرارة إلى 44 درجة مئوية في ولايات الداخلية الغربية مثل غليزان، الشلف، معسكر، سيدي بلعباس، وسعيدة، و38 درجة مئوية في المناطق الساحلية.

التوقعات الموسمية وأسباب الحرارة المرتفعة

تشير التوقعات الموسمية للديوان الوطني للأرصاد الجوية إلى أن درجات الحرارة خلال هذا الصيف (يونيو – يوليو – أغسطس) ستتراوح بين “العادية إلى فوق العادية”، خاصة في المناطق الساحلية. يعزى هذا الارتفاع إلى نقص هطول الأمطار خلال فصلي الشتاء والربيع الماضيين، مما أدى إلى جفاف التربة وزيادة احتمالات حدوث موجات حرارية شديدة. كما أن منطقة الضغط المرتفع التي تظهر في شمال المحيط الأطلسي يمكن أن تصبح أكثر نشاطًا من المعتاد، مما يؤدي إلى تمددها نحو أوروبا وتأثيرها على الجزائر , تقع مدينة أدرار في جنوب الصحراء الجزائرية وتعتبر ثاني أكبر ولاية بعد تمنراست. وفقًا لموقع “Eldoradoweather” المتخصص، سجلت أدرار درجات حرارة قياسية بلغت 49.2 درجة مئوية، متفوقة على مدينتين إيرانيتين معروفتين بشدة الحرارة. بالإضافة إلى أدرار، تشهد مدن تمنراست، تيميمون، جانت، واليزي موجة حر مشابهة، مما يدفع بعض العائلات إلى النزوح نحو المدن الشمالية بحثًا عن طقس أقل قسوة , يعاني سكان أدرار والمناطق المحيطة من تأثيرات موجة الحر الشديدة على صحتهم وحياتهم اليومية. يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس، والتي تتطلب عناية طبية فورية. كما أن الحرارة الشديدة تزيد من معدلات تبخر المياه، مما يؤثر على توفر المياه الصالحة للشرب والزراعة وحسب نفس التصنيف، جاءت مدينة عين صالح في المرتبة الرابعة عالميًا بدرجة حرارة 48 درجة مئوية، بينما جاءت مدينة زناتة في ولاية تلمسان في المرتبة الخامسة بدرجة حرارة 48 درجة مئوية. كما سجلت مدينة تيميمون الجنوبية درجة حرارة 47.1، محتلة المرتبة السابعة عالميًا.

الإجراءات الوقائية

لمواجهة هذه الظروف القاسية، تتخذ السلطات المحلية والجهات الصحية تدابير وقائية لحماية المواطنين، بما في ذلك:

توزيع المياه الباردة: في الأماكن العامة للحفاظ على ترطيب المواطنين.

فتح مراكز تبريد مؤقتة: لتوفير أماكن آمنة وباردة للسكان.

نشر التوعية: حول كيفية التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة، بما في ذلك شرب كميات كافية من الماء، وتجنب الخروج في ساعات الذروة.

إن موجة الحر التي تشهدها ولاية أدرار خلال صيف 2024 تعد تحديًا كبيرًا للسكان والسلطات على حد سواء. من الضروري أن يكون هناك تعاون مشترك بين الجميع واتباع النصائح الوقائية للتعامل مع هذه الظروف القاسية والحفاظ على الصحة والسلامة. من خلال الالتزام بالتوجيهات والإجراءات الوقائية، يمكن للسكان مواجهة هذه الموجة الحرارية بسلام وأمان.

نصائح للمواطنين لمواجهة موجة الحر

 1. البقاء في الأماكن الباردة

– تجنب الخروج في ساعات الذروة : حاول قدر الإمكان البقاء في المنزل أو في أماكن مكيفة خلال ساعات الظهيرة، حيث تكون درجات الحرارة في ذروتها.

– استخدام المراوح والمكيفات: إذا كنت تملك مكيفًا، استخدمه للحفاظ على درجة حرارة مريحة في المنزل. كما يمكن استخدام المراوح لتحسين التهوية.

2. الحفاظ على الترطيب

– شرب كميات كافية من الماء: تأكد من شرب كميات كافية من الماء طوال اليوم لتجنب الجفاف. ينصح بشرب الماء حتى في حالة عدم الشعور بالعطش.

تجنب المشروبات المحتوية على الكافيين:

هذه المشروبات يمكن أن تزيد من فقدان الجسم للسوائل وتساهم في الجفاف.

3. ارتداء الملابس المناسبة

اختيار الملابس الخفيفة والفاتحة: ارتدِ ملابس خفيفة وفضفاضة تساعد على تهوية الجسم. الألوان الفاتحة تعكس الحرارة ولا تمتصها مثل الألوان الداكنة.

استخدام القبعات والنظارات الشمسية : احرص على ارتداء قبعة لحماية رأسك من أشعة الشمس المباشرة، واستخدم النظارات الشمسية لحماية عينيك.

4 العناية بالصحة

الراحة والنوم الكافي: تأكد من الحصول على قسط كافٍ من الراحة والنوم، حيث يساعد ذلك جسمك على التعامل مع الإجهاد الحراري.

– الابتعاد عن المجهود البدني الشديد: حاول تقليل النشاطات البدنية الشديدة خلال فترة النهار، وإذا كان لا بد من ممارسة نشاط بدني، فليكن في الصباح الباكر أو المساء.

5 العناية بالفئات الأكثر عرضة للخطر

الأطفال وكبار السن : يحتاج الأطفال وكبار السن إلى رعاية خاصة خلال موجات الحر. تأكد من أنهم يشربون الماء بانتظام ويبقون في أماكن باردة.

– المرضى وأصحاب الأمراض المزمنة: يجب على هؤلاء الأشخاص متابعة حالتهم الصحية بانتظام واستشارة الطبيب عند الضرورة.

دور السلطات المحلية

يجب على السلطات المحلية اتخاذ تدابير إضافية لحماية المواطنين، بما في ذلك نشر الوعي حول مخاطر موجات الحر وتوفير المساعدات اللازمة. يمكن أن تشمل هذه التدابير توزيع المياه الباردة في الأماكن العامة، فتح مراكز تبريد مؤقتة، وتقديم النصائح عبر وسائل الإعلام المحلية.

ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في وفاة المئات من الحجاج خلال موسم الحج 2024

شهد موسم الحج لعام 2024 وفاة ما لا يقل عن 922 حاجًا من جنسيات مختلفة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة التي شهدتها المنطقة، وذلك وفقًا لتعداد لوكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس. وتعد هذه الكارثة تذكيرًا خطيرًا بالتحديات التي يفرضها تغير المناخ على الشعائر الدينية والتجمعات البشرية الكبيرة و نقلت وكالة فرانس برس عن دبلوماسي عربي أن عدد المصريين الذين توفوا في الموسم الحالي بلغ 658 على الأقل، بينهم 630 حاجًا لم يحملوا تصاريح الحج. وأضاف أن “جميعهم ماتوا بسبب الحرارة” باستثناء شخص أصيب بجروح قاتلة خلال تدافع بسيط بين الحجاج. وتستند هذه الأرقام إلى حصيلة من مشرحة مستشفى في حي المعيصم بمكة.

الأجواء الحارة وتحديات الحج

من سهول منى إلى جبل عرفات، حيث ألقى النبي محمد عليه الصلاة والسلام خطبة الوداع،واجه الحجاج درجات حرارة شديدة تصل إلى 48 درجة مئوية، مما يعرضهم لخطر الإصابة بضربات الشمس والإعياء الحراري. وفي العام الماضي، واجه 1.8 مليون حاج هذه الرحلة الروحية، حيث أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى إصابة العديد منهم بالإعياء الشديد للتخفيف من وطأة الحرارة، قامت السلطات السعودية بتوفير مكيفات الهواء في الخيام وأجهزة رذاذ الماء، بالإضافة إلى توزيع زجاجات المياه الباردة. كما تم طلاء الأرضيات بمواد عاكسة للحرارة للحد من تأثير الشمس. ورغم هذه التدابير، فإن التحديات التي تفرضها الظروف الصحراوية القاسية ما زالت قائمة فوفقًا لدراسة جديدة قام بها باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فإن تغير المناخ يسهم بشكل كبير في ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في المملكة العربية السعودية، مما يزيد من خطر تعرض الحجاج لمشكلات صحية خطيرة. وذكرت الدراسة، التي نشرت في دورية “جيوفيزيكال ريفيو ليترز”، أن الحجاج أكثر عرضة للموجات الحارة الشديدة في السنوات الحالية، خاصة وأن أشهر الصيف في 2019 كانت الأكثر حرارة

كما تُظهر النتائج أن دورة الشهور الهجرية، التي تتأخر 11 يومًا تقريبًا عن السنة الميلادية، تجعل الحج في بعض السنوات يصادف أشهر الصيف الحارة. ويتوقع الباحثون أن المشكلات الأكثر خطورة ستظهر بحلول منتصف إلى نهاية القرن، خصوصًا في الفترات من 2047 إلى 2052 ومن 2079 إلى 2086، حيث سيأتي الحج في الصيف مرة أخرى و تشير ذات  الدراسة إلى أن التعرض المباشر للشمس مع درجات حرارة تصل إلى 30 درجة مئوية وارتفاع نسب الرطوبة لعدد من الساعات المتتالية يمكن أن يكون خطيرًا للغاية، حيث يفشل الجسم في تبريد نفسه ذاتيًا مما قد يلحق الضرر بالأعضاء الحيوية مثل الدماغ والقلب والكلى والعضلات، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الوفاة، خاصة بين الفئات العمرية الهشة و أوصت الدراسة بضرورة تطبيق مجموعة من التدابير الوقائية لمواجهة المخاطر الحالية والمستقبلية. ومن بين هذه التدابير:

Muslim pilgrims gather at the top of the rocky hill known as the Mountain of Mercy, on the Plain of Arafat, during the annual Hajj pilgrimage, near the holy city of Mecca, Saudi Arabia, Saturday, June 15, 2024. (AP Photo/Rafiq Maqbool)

توسعة الأماكن المقدسة: لتقليل كثافة الحجاج في كل متر مربع، مما يساعد على الحد من مخاطر التزاحم والحرارة.

زيادة رش الماء: على الحجاج بكثافة أكبر لتبريد الأجواء وتقليل خطر ضربات الشمس.

تحديد أعداد الحجاج: بشكل يمكن التحكم به في الظروف الطارئة، مما يسهل إدارة الحشود وتقديم الرعاية اللازمة.

توفير المزيد من الظلال والمناطق المغلقة : للحد من التعرض المباشر لأشعة الشمس.

إن موسم الحج لهذا العام يعد تذكيرًا مؤلمًا بالتحديات التي يفرضها تغير المناخ على الشعائر الدينية والتجمعات البشرية الكبيرة. ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يصبح من الضروري أن تتخذ الدول والمؤسسات الدينية إجراءات جادة لحماية الحجاج وضمان سلامتهم. من خلال الالتزام بالتدابير الوقائية الموصى بها، يمكننا جميعًا المساهمة في مواجهة هذه التحديات وضمان تجربة حج آمنة ومباركة للجميع.

كتبه : رافعي محمد محي الدين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.