يحتفل الجزائريون بالسنة الامازيغية في 11 وحتى 13من شهر يناير المسمى باليناير وهو التقويم الأمازيغي الذي تم اعتماده نسبة للتقويم الفلاحي الذي مكن الامازيغ القدماء لتحديد الاوقات المناسبة للحرث والبذر ونهاية موسم الحرث إذ يمثل شهر يناير موسم نهاية الحرث , والذي ستحييه ولاية أدرار في إقليم تيديكلت ببلدية تيط التي تملك طبوعا تقليدية متنوعة تمزج بين مختلف العادات الزناتية وتدعوا لتنمية السياحة الصحراوية ودعم الصناعات التقليدية .
تيط طابع إجتماعي فريد
تحتفي ولاية أدرار هذه السنة بعيد السنة الأمازيغية في بلدية تيط التي تم إختيارها لتمثل طبوع الولاية في احتفالات السنة الأمازيغية على اختلاف طبائعها وعاداتها وتقاليدها , هذه البلدة التي تقع في شرق الولاية في إقليم تيديكلت وتبعد بخمسين 50 كيلومترا عن مقر دائرتها أولف تتميز بعادات وتقاليد تجعلها تتميز كرمز لتدماي وهي الكلمة الأمازيغية التي التمثل النخلة الرمزية لسكان منطقة , يحتفي سكان تيط بالأعياد والمناسبات بطرقهم الخاصة دوما فمن رقصة باهروز في العيد الأضحى إلى عادة تابروخ في أيام عاشوراء و طبلة الأقلال بموسم المولد النبوي , كلها عادات تجبرك للبحث في هذه المنطقة التي تقبع على مساحة كلم1603 كيلومترا مربع.
يعد إقليم تيديكلت أحد الأقاليم الثلاثة توات و قورارة التي يتجاور أهلها مع بعضهم في التجارة والمصاهرة و أمور الحياة و الدين منذ القدم وهي المنطقة التي تتمازج فيها العادات الزناتية والتارقية والعربية .
يعيش سكان تيط في نظام اجتماعي متعاون ويعتمدون على الحرف والصناعات التقليدية التي تميزهم كمنطقة من دائرة أولف , فيتوزع ساكنتها على أحياء كالحي العتيق وحي بوسعادة و حي خالد بن الوليد و حي القصبة ولها أربعة مدارس أبتدائية ومتوسطة ولا تزال بحاجة لمدرسة ثانوية , يتجه شبابها اليوم لممارسة نشاطاتهم الرياضية في القاعات المتعددة النشاطات , ولم يتخلى أهلها على بعث أولادهم للدراسة في المدارس القرآنية في مساجدها كمسجد خالد بن الوليد و مسجد عروة البارقي حيث حدثنا إمام المسجد الشيخ بن نبية مصطفى أن سكان المنطقة يعتمدون على الفلاحة والتجارة ويحرصون على عادات وتقاليد منطقتهم التي تمثل جزءا من أصالتهم .
تيط تحافظ على موروثها الثقافي الامازيغي
إختارت ولاية أدرار هذا العام الاحتفال بعيد اليناير 2973 ببلدية تيط و الذي يعني إسمها العين أو عين الماء باللغة الزناتية ، يحافظ سكانها على موروثهم الثقافي الأمازيغي والتعريف به وفي ظل التطور الذي نشهده اليوم فقد كان سكانها بحاجة لفرصة للتعريف بهذه الصناعات التي تصنعها أناملهم , وذلك باعتماد الجمعيات والنوادي التي تحتضن مواهبهم مثل جمعية تدماي التي اعتمدت سنة 2022 وقد اشتقت اسمها من كلمة زناتية تعني ” نخلة متميزة” تقع في وسط البساتين كان يذهب إليها الأهالي الذين يرزقون بطفل ويعلقون عليها عظام أضحية العقيقة الخاصة به للتبرك بها , تسعى هذه الجمعية لتنمية النشاطات المتعددة كالخياطة التقليدية و النسيج الصوفي ومواد الزينة التي تزف بها عرائس منطقة تيديكلت عموما و يتميز نشاط الحرفيين في المنطقة بصناعة الجلود وصناعة نعال و حتى المكانس التقليدية من زعف النخيل , فذكر لنا السيد ميلودي بوجمعة وهو أحد مؤسسي الجمعية بأن جمعيتهم تسعى للتعريف بعادات منطقتهم و تفتح ابوابها امام السكان والحرفين لدعمهم , من خلال المشاركة في النشاطات الثقافية و معارض الصناعات التقليدية ’, تهدف هذه الجمعية الحرفية ككل الجمعيات في المناطق الصحراوية على أهمية دعم الصناعات التقليدية والحرف لتنمية الإقتصاد والسياحة الصحراوية وتشكل بوابة لدعم الحرفين في تسويق منتجاتهم التي تجد صعوبة دوما للترويج عنها , وتقديم المكاسب لأتعابهم بسبب البعد الجغرافي عن المراكز التجارية .
تعمل النساء حاليا في منطقة تيط على تنويع صناعاتهن فحاليا تعتمد الكثير من نسائها على صناعة الحلويات والطبخ التقليدي كفتل الكسكس بأنواعه وأشكاله المختلفة وبيعه للمحلات , ويحرصن على الحفاظ على العادات في كل موسم من الاعياد حيث تتجمع النساء في حفلات على رقصة التيندي والتي تعني رقصة المهراس الذي يدق به التمر المجفف و كذلك رقصة الاقلال التي تحتفي بها النسوة بالطبل على آلة الدف المسماة بالأقلال أيام المولد النبوي الشريف وهن يرددن جملة ” تيط بين خيار البلدان جوهرة وزينة بلادي ” , كما يحافظن على الكثير من الكلمات الزناتية التي تظهر من خلال أسماء معدات الطبخ و أنواع الأكل وفي أيام عيد السنة الأمازيغية تقدم الأمهات لأبنائها أكياس من الكيش أو الحلفاء وبعضها من الكتان تحتوي أانواع الحلويات والتمور والفول السودانية ليمرح بها الأطفال في الأزقة , في قصة روتها لنا مؤسسة لجمعية تاديميت بأن سكان المنطقة لهم عدة تقاليد إحداها تسمى بتابروخ وهي التي تقتضي أن يتجمع سكان المنطقة جميعهم ويدورون حول البلدة حاملين عصيا بعدما يتم تركيب فستان أو ملابس قديمة ثم يجمعون تلك الملابس كلها في منطقة بحدودة البلدة ويرمونها هناك ذرءا للنحس والشؤم في أيام عاشوراء , وفي حديثها معنا أخبرتنا عن عادة تاشكولت وهي لعبة فلكلورية تمارس على مدى ثلاثة أيام من عيد الأضحى يلعبها الشباب بكرة من الخيش والجلد بالعصي الخشبية حيث يتشكل فريقان من ستة أشخاص لكل واحد منه يحمل عصا خشنة ويحاول التسجيل على الفريق الثاني , تشبه اللعبة لعبة كرة الهوكي حيث يسعى اللاعبين للتسجيل بواسطة ضرب القرص بالعصى في الميدان , وحسب بعض الرواد فإنه بمجرد إنتهاء اللعبة يرقص الجميع رقصة إسارة الفلكلورية حيث يرفع الشباب العصي ويرقصون بها , ومن العادات التي يمارسها السكان أيضا رقصة باهروز حيث تقطع جريد النخيل عندما تكون يانعة خضراء ويتم إنتزاع الأشواك منها والإبقاء على زعفها ثم يتم ربطها بالفدام وهو جزء يستخرج من شجرة النخيل يشبه في شكله شبكة الصنارة يتم لف العصاة به ويلعب بها الاطفال و الشباب بعدما يشكلون حلقة دائرية ثم يتم حرقها و يرقصون بها في أانحاء البلدة في أاوقات الليل حتى أن بعض النساء تضرب تلك النيران على أقدامهن نزعا للبلاء , كما يتم الاحتفاظ بحطبها ليستعمل في طبخ الخبز في مناسبة عاشوراء .
لايزال سكان تيط يحافظون على رمزياتهم و موروثهم الحضاري المتميز كجزء من ولاية أدرار التي تتنوع فيها العادات والتقاليد بإختلاف أقاليمها فلها مناظر سياحية و يحيط بها واحات النخيل من كل جهاتها عاد الجهة الشمالية , ويتميز فيها عرق الشواف الذي تظهر فيه مناظر جميلة للصحراء بطول 80 مترا وكان القدماء يعتمدون فيه على مراقبة قوافل التجار التوارق و الرحالة القادمين من أقبلي لتتم معهم المبادلات التجارية و الزراعية وكذا يعتمدون على بيعهم للمواشي و أنواع التمور والملابس والحلي الفضية , و ككل المناطق الصحراوية بالجزائر فمنطقة تيط تحوي قصبات عتيقة كقصبة تايتوق و قصبة الجماعة والشرفاء
تمتاز تيط بموروث ثقافي قوي يساهم في دعم للاقتصاد السياحي فضلا عن إهتمامهم بتعليم وتثقيف أبنائهم كل هذا جعل هذه المنطقة قبلة لولاية أدرار لتكون رمز ثقافي يحتفي بدخول السنة الامازيغية الجديدة 2973 .