كثيرا ما يصادف الأطباء مشاكل في التشخيص مع الشباب المثقف بالدرجة الأولى، وهذا راجع لأن المريض يصرح للطبيب بأعراض يتوهمها فقط نتيجة بحثه عن التشخيص في الكتب، الأنترنت، وصفحات الفيسبوك ونشرات الأدوية، ظنا منه أنها ستغنيه عن فحص طبي مباشر.
وحين يقرأ عن أي مرض فسيُسقِط كل تلك الأعراض التي يقرأ عنها على نفسه، ولو فكر هذا الشاب قليلا وطرح على نفسه سؤالا ما فائدة دراسة الطب في الجامعات إذا كانت الكتب تغنينا عن الدراسة، ولمَ لا تكون دراستها عن طريق المراسلة؟! صادفت خلال مسيرتي الدراسية ثم خلال تجربة عملي، شباب جامعي حين يسرد الأعراض التي يعاني منها تجدها متطابقه تماما مع مرض معين، ولكن في الحقيقة هو يسرد ما قرأ في الأنترنت فكان له انعكاسه النفسي التوهمي على جسده.
أذكر أن فتاة جاءت تشتكي من أنها عند ملامسة الصدر تحس بوجود جسم غريب مع وجود “ولسيس “ عند الكتف الأيسر مع فقدان الشهية ونقص في الميزان وعدة أعراض أخرى، مما جعلنا نشك في إصابتها بـ سرطان الثدي ولكن بعد مختلف التحاليل اتضح انها لا تعاني من شيء، فحدثتنا امها على انفراد وقالت بأن صديقتها توفيت بسرطان الثدي ومن يومها صارت تدخل باستمرار للأنترنت وتبحث عن أعراض المرض وتسقطها على نفسها.
ليس بهذه البساطة يتم تشخيص أي مرض فالطبيب بناءا على الاسئلة الطبية والفحص الطبي والتكميلي يقوم بجولة في الجسم البشري، وجولة في سنوات الطب بمختلف مقاييسه ليخرج بتشخيص مناسب. فلو تحدثنا عن احمرار العين مثلا سنجد أنفسنا أمام عدد كبير من التشاخيص منها ما يتعلق بالعين نفسها ومنها مايتعلق بغيرها من الأعضاء. لو تحدثنا عن فقدان الشهية فنحن بحاجة إلى تأليف كتاب عن أسبابه المختلفة. ألم البطن له تشاخيص مختلفه منها ما ليس له أصلا أي علاقه بالبطن أو بالجهاز الهضمي.
كما يجدر بنا الإشاره إلى أنه يجب التفريق بين المعلومة الطبية التي هي خلاصة بحث عميق مؤكد لا غبار عليه وبين البحوث والدراسات التي يتم نشرها وهي فرضيات لازالت تخضع للتحقيق من أجل إثباتها أو نفيها، ولهذا فالطبيب وحده سيميز بين مختلف المنشورات ليتأكد من مصدرها وصحتها. وهكذا ليحصل المريض على تشخيص صحيح ويتفادى أن يدخل الوساوس الغير مؤسسة إلى عقله الأفضل له أن يتجنب البحث الغير مباشر ويتوجه بالسؤال إلى طبيبه المعالج مباشرة.
بقلم الدكتور ا.لخريف