رواية مَنَّا تروي عطش قرائها في إحتفائية ترشحها بالبوكر العربية في جامعة أدرار
جامعة أدرار تحتفي برواية منا قيامة شتات الصحراء بعد إعلان ترشحها للقائمة القصيرة للبوكر بمداخلات دكاترة وأساتذة من الأدب من مختلف الجامعات الجزائرية وتقديم معرفة عن السرد في الفضاء الصحراوي بعيدا عن البريق السياحي للصحراء .
إحتفت جامعة أدرار بالكاتب الجزائري الصديق حاج أحمد المعروف بإسم الزيواني على إثر تأهل روايته منا شتات القيامة للقائمة القصيرة من جائزة البوكر العربية 2023 و التي تعتبر من الجوائز الأدبية المرموقة في عالم الأدب والرواية العربية ,حضر الاحتفائية أساتذة ودكاترة في الأدب و نقاذ من مختلف الجامعات الجزائرية لتقديم مداخلاتهم ومناقشات عن الرواية و السرد في الفضاء الصحراوي ,بحضور عدد من الطلبة من كلية الأدب العربي , صرح من خلالها كاتب الرواية ” بأنه سعيد بهذا الاحتفاء بالرواية والذي يعد تثمينا للكتاب الذين نبتوا من هذه المشتلة و أضاف بأنه من المفترض أن تكرس الجامعة لإنتاج النصوص الأدبية التي ندرسها للطلاب في الجامعة ” وقد تناولت مداخلات الدكاترة و المشاركين عدة جوانب في صناعة السرد الروائي في فضاء الصحراء من حيث تناولها الأنتربولوجيا الصحراوية و خلق النظرة المتكاملة للأبعاد الاجتماعية و الثقافية لسكان الصحراء حيث صرح الكاتب الروائي الجزائري واسيني الأعرج في تسجيل له بث في فعاليات الملتقى بأن ” … رواية منا و السرد في فضاء الصحراء جعلنا لا نكتفي بالمنظور الطوبوغرافي المغري بالصحراء بوصفها كومة رمال وشمساً وشجر لارغان النادر المقاوم للعواصف، والمغيب والفجر الساحرين، ولكن الصحراء الحية التي ينشأ فيها بشر يحيون ويموتون خارج مدارات “الحضارة” المتسيدة …” وقد أشاد مسبقا عدد كبير من الكتاب الجزائريين أمثال أمين الزاوي و الناقذ الأكاديمي سعيد بوطاجين والناقذة آمنة بلعلي و الروائي السوداني أمير تاج السر وكذا الناقد عبد الحفيظ جلولي و الكاتب الأردني الفلسطيني عمر شبانة وغيرهم من الكتاب من داخل وخارج الوطن جميعهم عبروا عن مدى تقديرهم ترشح رواية منا للقائمة الصغيرة لجائزة البوكر .
قدمت الرواية بنائا متكاملا للشخصيات و عبرت بمعنى مختلف عن الصحراء في صورة تعبر عن الذات الصحرواية التي لها معرفة للصحراء بعيدا عن تصور الصحراء كسياح حسبما كشفت عنه إحدى المداخلة للأستاذ الدكتور محمد تحريشي حيث برزت المفارقات الإجتماعية بين الأزواد واللهجات الحسانية , كما إشترك معظم الأساتذة والدكاترة المتدخلون في نظرتهم في الرواية بأنها قد غيرت التصور نحو السرد في فضاء الصحراء بخلقها لبطل يعياش الصحراء بمجرياتها بخلاف المعتاد حيث دائما ما يقدم بطل القصص في الروايات التي تتحدثت عن الصحراء عن كونه يهودي أو مسيحي غربي يروي عن الصحراء وإفريقيا بلسان السائح والمتمرد عن عادات لا يدرك المعنى الفلسفي للكثير منها ,كما أشاد أحد الدكاترة المتدخلين بكون الرواية قد وجهة أنظارنا نحو قضية الأزواد والهجرة في افريقيا و الأزواد دون خلق أي استفزاز أو تأويل للنوايا من خلال تأثيثها للفضاء الصحراوي وخلق شخصيات تحاكي الصراع والسعي للبحث عن الوطن في قلب الصحراء التي جعلتها الرواية فضاء غنيا بالقصص والروايات بعيدا عن الفراغ , وقد تنوعت المداخلات بين دراسات عن الرهان الإفريقي وكذا البناء الانتربولوجي واللغوي و التمثيل السردي لرواية منا إضافة لدراسات عن الأبعاد المعرفية والعوالم الصحراوية والتوجهات المكانية والزمانية لرواية مملكة الزيوان وعن البعد الفلسفي والفكري لرواية كاماراد و الهجرات الافريقية نحو بلدان الجوار و أوروبا
و من المقرر أن يعلن عن الفائز بالبوكر في 22 من شهر ماي 2023 بمقرها في أبوظبي بعدما تم الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة والتي تضم ستة كتاب من دول عربية مختلفة منها الكاتبة الليبية نجوى بن شتوان عن روايتها كونشيرتو قورينا إدواردو و من مصر و ترشحه رواية أيام شمس مشرقة لميرال الطحاوي و رواية حجر السعادة لأزهر جرجيس من العراق و الأفق الأعلى للسعودية فاطمة عبد الحميد وتغريبة القافز لزهران القاسمي من عمان , و يعد الكاتب الصديق حاج أحمد المعروف بالزيواني الروائي الجزائري الوحيد المرشح لهذه السنة فيما فاز بها مسبقا الكاتب عبد الوهاب عيساوي عن روايته ديوان الإسبرطي في نسخة 2020 , وقد تمكن الكاتب الزيواني من الترشح لقائمة هذا العام التي أعلن عنها في بداية شهر يناير من هذه السنة عن روايته منا شتات القيامة الصادرة سنة 2021 عن دار الدواية والتي تتحدث عن هجرة وإرتحال قوم من أحد القبائل في مالي نحو الجزائر وعدة مناطق في الصحراء الكبرى إبان أيام القحط والجفاف التي أصابت أرضهم في السبعينيات ,ويضم الكاتب الزيواني عدة كتب أكاديمية وجامعية وروايات قام بتأليفها منذ سنوات التسعينيات وهو يشتغل أستاذ جامعي بجامعة أدرار أحمد درايعية بقسم اللسانيات و مدير مخبر سرديات فضاء الصحراء بجامعة أدرار,ويسرد من خلال رواياته حياة سكان الصحراء كاسرا الحواجز الصامتة التي تعبر عادة عن الصحراء كفضاء جاف وقاسي الطبيعة دون التغلغل بين مكونات المجتمع الصحرواي ومكوناته الثقافية وإختلاف بين التارقي والحساني والبدوي والعربي وغيرها من الثقافات السائدة في الصحراء الكبرى في شمال إفريقيا , وتعتبر جائزة البوكر من الجوائز الأدبية المرموقة في العالم العربي تسعى لدعم القراءة والمطالعة في العالم العربي وبدعم من دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي و جائزة البوكر العالمية أطلقت أول نسخة لها في عام 2007 .
الزيواني يسرد القصص في فضاء الصحراء الكبرى
يضم الزيواني في رصيده ثلاث روايات اولها رواية مملكة الزيواني عام 2013 ورواية كاماراد 2016 و آخرها منا شتات القيامة والتي تعني الجفاف باللسان التارقي حيثمن فصولها تروي حكاية الجفاف الذي اصاب صحراء مالي في 1973 و جعل قبائلها التوارق والحسانيين يعيشون في ترحال مستمر وشتات بين دول الجوار وقد نبعت كتابة هذهالرواية حسب تصريح لكاتبها في حواره مع جريدة النصر بأن كتابته لها قد جاءت مصادفة من القصص المروية عليه من قبل شيوخ من الأزواد عن قصة الجفاف الذي أصابهم في السبعينات حيث كان وقتها في خضم بحث أكاديمي لتحضيره لرسالة الماجستير في سعي منه للدراسة عن إحدى الشخصيات الكنتيه , إذ مثل ترحاله المستمر نحو بلاد المالي والنيجر والذي استمر لعقدين متماثلين من أن يخلق عنده صورة عميقة للمجتمع التارقي و الحساني من مختلف الجوانب وتقديم فلسفتهم عن الحياة متجاوزا النظرة الدونية نحو الجوار الإفريقي .
تبرز من خلال قراءة رواياته مدى عمق المجتمع الصحراوي وما يحمله من أسرار تسكن في كنف المجتمع الذي تتلون عاداته وتقاليده , فمن خلال روايته مملكة الزيواني يتحدث عن ولاية أدرار و قصورها ويأخذنا من خلال فصولها إلى الحياة المعيشية و الصراعات التي عاشها سكان توات بعد الإستقلال ,مقدما صورتا عن الواقع و المجتمع بلهجته المحلية التواتية وثقافته و يعرج في هذه الرواية عن مكانة المراءة وواقع حياتها في بيئةتحرمها من الوراثة والأحقية في الخيار لحيتها الزوجية , كما تمدنا الرواية بقصص عن الشرائح المقصية من المجتمع ونظرة بطل الرواية في ما يحدث من حوله ومن جهة أخرى تأخذنا روايته كامارد الصادرة في 2016 في طرق متقاطعة بين شمال إفريقيا و أوروبا حيث يسعى شاب من قلب إفريقيا للبحث عن تحقيق حلمه والخروج من واقعه نحو أرض الاحلام و يتقاطع طريقه مع مخرج فرنسي يسعى لتحقيق شغف في الاخراج السينمائي بتوجهه نحو افريقيا , قدمت هذه الرواية التي حظيت بترجمة للغة الفرنسية توجها مختلفا عن الواقع المعاش في إفريقيا وسدل الستار عن سعي الأفارقة للبحث عن أحلامهم وما مدى تأثير التغيرات السياسية والمناخية وعن العالم الموازي في أوروبا حيث يسود الإعتقاد الدائم بالنجاح والحياةالمشرقة ,و الرحلةالذاتيةنحو تحقيق الهدف والحلم لكل شخص ,حيث إلتمست هذه الرواية معنى عميق عن السعي نحو تحقيق الحلموالوعي بالواقع المعاش
كتب الزيواني عدة كتب جامعية وأكاديمية قدمت لنا معارف عن الحياة في الجنوب والتوثيق لعلامائها ككتاب التاريخ الثقافي لإقليم توات و رقوش وكتاب من أعلام التراث الكنتي المخطوط وغيرها من الدراسات الأكاديمية والبحوث الجامعية .
أصبحت ولاية أدرار تقدم قامات روائية تحكي عن الصحراء و مختلف تجلياتها وثقافتها الإجتماعية حيث تمكنت رواية طراحان لكاتبها الروائي عبد الله كروم من الفوز بنسخة جائزة آسيا جبار الجزائرية 2022 عسى أن يثمن نجاح رواية منا بالنجاح بجائزة البوكر العربية 2023 المقرر أن تعلن الفائز بها في 21 من شهر ماي القادم .