سيدي محمود العذراء تكشف عن سحرها
سيدي محمود المنطقة التي ظلت صامتة مجهولة لدى الكثير من ساكنة أقبلي أنفسهم ناهيك عن غيرهم من سكان الدائرة و الولاية ككل تكشف بعضاً من سحرها و مفاتنها الطبيعية لزوارها. سيدي محمود الموقع الطبيعي الذي رسمت لوحاته جباله المزركشة مشكلة لوحة فنية طبيعة جميلة، و رماله المتناثرة هنا و هناك مخبرة كل زائر أَنْ هنا مكمن و موطن الجمال.
تبعد منطقة سيدي محمود حوالي 8 ثماني كيلومترات عن قصر الزاوية, و قصر الزاوية هو أحد القصور الأربعة لبلدية أقبلي و هي: الزاوية, المنصور, ساهل و أركشاش مقر البلدية. أقبلي البلدة الطيبُ أهلها، النقي هواؤها العذب ماؤها لا تكاد تطأ قدما الزائر أرضها حتى يسمع عبارات الترحاب تشق أسماعه و تدغدغ أساريره, فعمود السفود المرصع بقطع كبد الغنم أو كما هو معروف لدى سكان الصحراء ب” الملفوف ” هو مقبلات مضمونة للضيف فاتحة لشهيته و مسكنة لجوعه، لتستوي بعدها أمام الزائر مائدة تحوي ما لذ و طاب من طعام و مشرب لتعطر الجلسة نهايةً بكؤوس شاي معتقة يتسامر المضيف و الضيف على رشفاتها أطراف الحديث.
تعود تسمية المنطقة سيدي محمود – حسب رواية أحد السكان- إلى الولي الصالح سيدي محمود، المزعوم وجود قبره بهذه المنطقة غير أن مكانه مجهول, و لكن يبقى هذا الترجيح مجرد أقاويل و مزاعم لا أساس لها (مأخوذ شفهياً من أحد السكان)
يحتاج الزائر لمنطقة سيدي محمود انتعال روح حب الاكتشاف ليبصر أسرار جبالها المترامية الأطراف و الممتدة لعشرات الكيلومترات مشكلة سلاسل جبلية طينية كأنها عقد لؤلئية ملونة بين صخور طينية حمراء و صفراء وخضراء ظاهرة للعيان. و قد يحالف الزائر الحظ أن يلتقي بأحد الساكنة و هو يستخرج مادة ” الشب” التي تستعمل لأغراض التطيب و التطهر و التداوي, فيتم استخراجها خاماً و تحك مع ” عود النوار” لتصبح قابلة للإستعمال.
بلدية أقبلي التي تبعد ب 60 كلم عن مقر الدائرة أولف مروراً بالطريق القديم وحوالي 53كلم تقريبا مروراً بالطريق الجديد الذي هو قيد الإنشاء. ولأن الإسم دالٌ على الشيء وجزءٌ منه فكلمة أقبلي تعني الهدية في لغة البربر و هي ما يقدمه المقبل من السفر بعد غياب طويل من هدايا لأهله و عشيرته و أحبابه، كما أن الإسم يطلق على بئر موجود بقصر المنصور المكان الذي كانت تقسم فيه الهدايا. فتاريخ المدينة كله كرم و سخاء و لذلك حتى الآن تجدها تقدم للزائر موائد تراثية مختلفة فأول ما يشد الزائر المتعطش للمعرفة و الإكتشاف تلك المكتبات السبعة التي تجعلنا نعيش تاريخا و أثاراً تعود لقرون كونها تضم المخطوطات التي توارثها أفرد العائلات كابراً عن كابرٍ؛ منها خزانة عائلة بن مالك بساهل و خزانة أحمد البكاي بقصر المنصور و خزانة الحاج الشيخ الأنصاري بقصر الزاوية و خزانة الطالب التهامي حينوني بأركشاش. كما سيشتم الزائر عبق الماضي الجميل عند ولوج المسجد العتيق بقصر ساهل المحافظ على طابعه الطيني التقليدي. كذلك جبل الصلصال الذي بقي شامخا لسنوات يمد الساكنة بمادة الصلصال ليستعملها الأبناء في محو الألواح بالمدارس القرءانية وغير ذلك من الاستعمالات.
أقبلي بلدة العلم و العلماء فمن رحمها خرج الكثير من العلماء و الإطارات منهم المرحوم الشيخ باي بلعالم-رحمه الله- ومحافظ البنك المركزي سابقا السيد لكساصي محمد و غيرهم الكثير. هذه المدينة التي بقيت مهمشة منسية ها هي تحتضن المهرجان الولائي للأنشطة الرياضية و السياحية على الرمال في منطقة سيدي محمود ذات الجمال الرباني العذري العفيف . يدخلها الزائرون و كأنها تناديهم” تمتعوا و أخبروا من غاب عنه معرفتي أن صدري مفتوح لاستقبال أي زائر ينشد الجمال و الراحة”
بلدية أقبلي تاريخ و تراث و متاحف كلها ففيها من الإرث الطبيعي ما يشد و من التراث البشري المادي و المعنوي القديم ما يسيل اللعاب. فمنطقة سيدي محمود – المنطقة العذراء الهادئة– هي إحدى هذه المتاحف الطبيعية التي تعتبر موقعاً سياحياً ممتازاً و مورداً اقتصاديا إضافياً للبلدية في ظل شح الموارد المحصلة للمال. فضروري أن يليها المجلس الشعبي البلدي والولاية اهتماما جدياً خاصاً لأنها مكسب للسياحة الصحراوية وكذلك على الإعلام أن يلعب دوره في إبراز كل المعالم التراثية والطبيعية للبلد.
كتبه : محمد دباغ