سيناريوهات الحرب..هل يغازل البرهان الغرب بـ فزاعة فاغنر؟

حملت الإتهامات التي أطلقها السفير السوداني بروسيا محمد الغزالي التيجاني اتهاما غير مباشر لشركة فاغنر الروسية بالتواجد في السودان. إتهامات التيجاني ليست بالجديدة رغم نفي الشركة الروسية تورطها فى الصراع السوداني.

وتحدث التيجاني لقناة الغد قبل يومين قائلا:” نتابع التقارير التي ترد هنا وهناك حول تواجد قوات فاغنر في السودان و وزارة الخارجية السودانية تتابع الموضوع عن كثب وتعمل على التحقيق فيه”.

وتأتي هذه التصريحات تبعا لإتهامات أخرى أطلقها عضو رئيس مجلس السيادة السوداني ياسر العطا قبل أيام حين قال أن عناصر فاغنر تتواجد في السودان وتقاتل بجانب قوات الدعم السريع مؤكدا ذلك بقناص تم قتله ويزعم أنه من قوات فاغنر، ولكن تم كشف أكذوبة القناص فيما بعد، حيث اتضح أنه ليبي الجنسية.

المتابع للشأن السوداني سيري أن السياسة التي تمارسها الآن حكومة البرهان باتهامها شركة فاغنر بالضلوع في هذه الحرب لصالح قوات الدعم السريع، الهدف منها هو كسب التأييد والدعم من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ومحاولة دفعهم لتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية لتعاملها مع شركة فاغنر.

وكان رئيس شركة فاغنر يفغيني بريغوجين أكد من خلال تصريحات أطلقها في الأيام القليلة الماضية عدم تواجد عناصره في السودان وقال أن شركته غادرت السودان فورا بعد رحيل البشير من الحكم، كما أكد من جانبه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هو الآخر بأن شركة فاغنر لا تتواجد في السودان وأن مسألة وجودها من عدمه فيه لا تخص روسيا كدولة.

ووفقا للتقارير فإن تركيز رئيس شركة فاغنر الآن منصب بشكل كامل على الحرب في أوكرانيا وجميع قواته الآن تتواجد في مدينة باخموت، وكل التقارير الإعلامية الغربية والعالمية تشير لذلك.

وتعيش السودان أزمة كبيرة منذ أكثر من شهر بعد اندلاع صراع مسلح بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وشريكه فى الحكم وحليفه محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع.

ورغم محاولات بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية وقف الصراع ألى إن الأوضاع لا تؤشر على أى هدوء خاصة فى ظل فشل الطرفين فى تثبيت هدنة وإلزام القوي المتصارعة بالإلتزام ببنودها.

ومع إستمرار المعارك يدفع المدنيين وحدهم الثمن حيث تشير التقارير الدولية لخروج عشرات الآلاف من السودانيين من البلاد هربا من الصراع المسلح.

وما يزيد الأمور صعوبة ويعرقل مسارات التسوية ما نشره الجيش السوداني مؤخرا من دعوة للسودانيين من خلال مقطع فيديو يدعو فيه لتجنيد كل من يستطيع حمل السلاح للإنضمام لصفوفه من أجل القتال ضد قوات الدعم السريع وهو ما يؤشر على رغبة الجيش فى الإستمرار فى الحسم العسكري للمعركة رغم عدم نجاحه فى تحقيق ذلك على مدار أكثر من شهر.

ووفقا للواقع على الأرض فإن هناك أكثر من سيناريو ينتظر السودان أحلاهم مر مع الأسف.

أول السيناريوهات و أسواها هو استمرار الصراع دون حل أو حسم من أحد الطرفين، حيث تستمر المعارك لفترات دولية دون أن يستطيع أي طرف حسمها لصالحه وهو ما سيؤدي لاستنزاف طاقة ومقدرات الدولة السودانية الضعيفة بالأساس وهي دولة لا تستطيع مواجهة ذلك، لأنها ضعيفة الأركان اقتصادياً ومجتمعياً وحياتياً وقد تصل لأوضاع انسانية أصعب مما حدث في دول مثل ليبيا التي لم تشهد على طول أزماتها أي نقص في السلع أو الغذاء، في حين أن السودان قد يكون أقرب للأزمة اليمنية التي وصلت في بعض مراحلها للمجاعة.

السينايو الثاني يتمثل فى نجاح أحد الطرفين في تحقيق انتصار حاسم يقضي به أحدهما على الآخر وهو أمر لا يمكن الجزم به أو تحديد من يستطيع ذلك نظراً لوجود تقارب في العدة والعتاد لكلا لطرفين، ولكن ربما يمكن القول إن القوات السودانية تعتبر الأقرب للحسم نظراً لأنها تمتلك زيادة نوعية في العدد والسلاح. كما أنها تمتلك شرعية وربما تحصل على دعم العشائر والقبائل السودانية”.

السيناريو الثالث هو ظهور قوة ثالثة موازية للقوتين المتحاربتين مثل حدوث اتحاد للقبائل أو تجمّع لمجتمع مدني أو حراك شعبي يرفض ما يحدث من صراع ثم يميل لأحد الجبهتين دون الأخرى وفى هذه الحالة سيكون الأقرب هو دعم الجيش والقوات السودانية نظراً لما تمثله من شرعية وفق الذهنية الشعبية على عكس الدعم السريع التي قد يعتبرها البعض حركة متمردة منشقة لا يجوز لها الخروج بهذه الطريقة”.

ويبقي السودانيين أمام هذه الخيارات هم الضحية الوحيدة للصراع الذى يتحرك فى الجنرال البرهان بدوافع شخصية أكثر منها وطنية ويغازل الغرب بالحديث عن فاغنر الروسية مستغلا عداوة الغرب لها بحثا عن دعم لبقائه فى السلطة أكثر من رغبته فى تجنيب وطنه مصير الدول الفاشلة التي أصبحت السودان أقرب ما تكون لها. 

كتبه : الصحفي محسن الشوبكي – مصر –

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.