عمال نظافة وصلهم نداء طارئ لتنظيف المدرسة ليفاجؤا بممر شرفي

أربعة عمال وحيدين يسهرون على نظافة بلديتهم بزاوية كنته يذهبون في مهمة عاجلة نحو مدرسة إبتدائية ليتفاجأوا بممر شرفي طويل تكريمهم من طرف تلاميذ الإبتدائية , الذين حضروا لهذه المفاجأة التي أذرفت دموع العمال للحصول على ما يستحقونه من تثمين لجهودهم .

قصة هذه المفاجأة تقع على بعد تسعين كيلومتر  90 كلم من ولاية أدرار في قرية بزاوية كنته حيث يتواجد على مستوى البلدبة ثلاثة عمال نظافة يشرفون على نظافة البلدية والهياكل العمومية كل يوم , حيث تملك البلدية حوالي عشرين مدرسة يجبرون على تقسيم جدول العمل بينهم من أجل تفريغ صناديق القمامة و نقلها للمكبات , يقومون بإفراغ الصناديق من جانب المدرسة مرة أو إثنين في الأسبوع وهو ماجذب انتباه التلاميذ في المدرسة الابتدائية أحمد بوشمال الذين تساءلوا: هل يوجد ثلاثة عمال نظافة على مستوى البلدية فقط ؟وكيف يستطيعون تأدية أعمالهم دون تعب ؟ تلك الأسئلة البريئة للأطفال جعلتهم يفكرون في تقدير جهود هؤلاء العمال الذين يسهرون على تنظيف البلدية ومنشآتها أسبوعيا رغم محدودية الدخل للعمال الذين هم لايزالون في مرحلة الإدماج المهني حيث تكون قيمة الدخل الفردي تتراوح  بين  8000 دج شهريا , وهم بحاجة للحصول على الزي المناسب للعمل وتوفير الأحذية الخاصة لتواكب هذه المهنة الشاقة, فضلا عن الحاجة الماسة لتوفير اللقاحات الطبية التي تقيهم من الأمراض . 

الممر الشرفي الذيكرم فيه عمال النظافة

تكون أحلام التلاميذ الصغار كبيرة دوما تحتاج لمن يحتضنها ليتم صقلها و تنموا بسرعة , ساعد الطاقم الإداري والمعلمين تلاميذهم للإعداد لهذه الخطة السرية , تجهيز لافتات ورسومات تشيد قيمة العمل والعمال وأهمية احترامهم , وكتب أحدهم ” النظافة عنوان يزهوا في كل مكان ” وهو يعبر عن أهمية النظافة والمحيط الذي سيحمي السكان من المرض ويجعل بيئتهم باهية , بينما كتبت طفلة آخرى” إماطة الأذى عن الطريق صدقة ” وهي تربط بين أهمية إماطة الأذى عن الطريق الذي يساهم فيه عمال النظافة للبلدية ويربطه بقيمة ربانية تتمثل في الصدقة والأجر بينما كتب آخر “نظافة مدرستي دليل حضارتي”وهو يعبر عن الإنجاز الذي يحضر له مع أصدقائه عن أهمية نظافة المدرسة من كل الأوساخ والقاذورات لكنه يوصل لنا رسالة خفية تبين لنا بأن نظافة المدرسة تكون في زهاء أفكارها ومبادراتها التي تربطها مع المجتمع وتصنع لنا جيلا يهتم بخلق أفكار إبداعية تعبر عنه وعن اهتمامه بالآخرين .

أحد تلاميذ المدرسة وهو يحمل لافتة لتكريم عمال النظافة

وزع التلاميذ المهام بينهم وحرسوا على تنشيط  حفل الاستقبال , بينما ساعدهم مدير المدرسة لرسم خطة لإستدعاء العمال , فتعاون مع رئيس الحظيرة في البلدية لاستدعاء العمال حينها ولدت الفكرة العجيبة التي ستكرمهم , في صبيحة بداية الأسبوع وهم يرتدون معاطفهم لتحمي أجسادهم الصغيرة وقبعاتهم الصوفية الملونة ينتظم تلاميذ المدرسة بصف طويل  ويقومون بإفتراش مسار طويل من بوابة  المدرسة بزرابية محلية من الصوف بخطوط ملونة ينتظرون قدوم العمال .

كان العمال كعادتهم يتحضرون لبداية الأسبوع ليردهم إتصال مستعجل من رئيس الحظيرة وهو يأمره للذهاب في عجلة لمدرسة أحمد بو شمال بوعلي :إذهبوا فورا لمدرسة أحمد بوشمال بوعلي فهي تغرق بالقمامة ! .

ركبوا شاحنتهم في الصباح الباكر وهم يجهزون المعدات للقيام بتأدية واجبهم , تكمل الشاحنة مسارها عند المدرسة ويفتحون البوابة التي كان يحيط بها سكون غريب , ليتفاجئوا بصف طويل لأطفال وتلاميذ المدرسة حاملين لافتات و بالونات وتذاع الموسيقى بمكبر الصوت لتشيد بأعمالهم , دهشة وصدمة أصابة العمال وهم يدخلون الممر الشرفي , ذرف احدهم الدموع وهو يمر في هذا الممر حتى وصلوا للمنصة الشرفية لتقدم لهم شهادات نالوها من يد التلاميذ الصغار الذين كرموهم بإبتسامة واسعة , وصف أحد العمال ماحصل بالمفاجئة التي لم تحصل لهم من قبل , فدوما كانوا جزءا من حفلات التكريم في البلدية تنظيم الحلفلات وجمع الكراسي والتنظيف قبل الحفل وبعده لكنهم ينسون دوما ولا يتم تكريم جهودهم وتقديرها , كان هذه تلاميذ هذه المدرسة الذي يقدر ب172 تلميذا هو تقدير الجهود وتكريم عمال النظافة لكن هذه المبادرة افاقت قيمتها الكثير بالنسبة للعمال الذين نالهم السرور وهم يكرمون ككل من يحصل على شهادة فخرية .

تكريم العمال في المنصةالشرفية

انتهى الحفل بتكريم للعمال مع الموسيقى والأناشيد المدرسية وبعض المأكولات المحلية للمنطقة التي تعاون أعوان  الإدارة و أولياء التلاميذ على إعدادها , ينتهي اليوم ويعود الأطفال لمدارسهم ويكمل العمال دوامهم من حيث انتهى .

تشكل أهمية هذا التكريم قيمة هامة بالنسبة للمجتمع فهو يدعوا لضرورة إحترام هذه المهنة و التفكير بمساعدتهم وتسهيل العمل عليهم وذلك بأن يحترم المواطنين مواعيد رمي النفايات وعدم رمي البقايا الصلبة والحجارة في صناديق القمامة التي تصبح أثقل على العمال و تشكل خطرا على شاحنات نقل النفايات ليكرم عمال النظافة  في مهنتهم ويعطى تقدير لنظافة المحيط الذي نعيش فيه .

كتبه : محي الدين رافعي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.