لهيب الأسعار من موجة إلى .. تسونامي

اعتاد الجزائريون على إرتفاع الأسعار و لهيبها في المناسبات الدينية خاصة, و كانوا يتحملون الوضع على مضض كونه ظرفي لكنهم لم يتصوروا يوما أن يتحول الوضع إلى قار و تبقى الأسعار تحرق جيوبهم التي أضحت خاوية .

وضع يشتكي منه الميسور و المعسور على السواء, فحرارة الأسعار أضحت تنافس حرارة الطقس الغير مسبوقة هذا العام , من أين عسانا أن نبدأ؟ من أسعار البقوليات و المعجنات التي كانت بالأمس القريب ملجاءا للمحتاج؟ أم من أسعار الخضر التي لا غنى للمواطن عنها؟ أم من أسعار الزيت و اللحوم البيضاء و الفواكه التي أضحت لمن إستطاع إليها سبيلا ؟.

فما يحدث في الأسواق و محلات المواد الغذائية اليوم لا يمكن إلا أن يوصف بالجنون , جنون يدفع ثمنه مواطن بسيط غيّر وجهته من السوق إلى المزبلة علّه يجد فيها ما يسد رمق صغاره بعد أن عجز عن إقتناء حاجته في سوق تحول إلى غول يسلب الداخل إليه كرامته قبل دنانيره المعدودة. فمن هنا و هناك ترى ظل أحدهم يقف أمام دكان ينظر نحو البضاعة المعروضة بعيون يملأها اليأس و العجز لعل صاحب الدكان أو حتى أحد المشترين يلاحظ وجوده و يفهم حاجته فيقتنيها له ,لكن للأسف الأزمة طالت الجميع بحيث جعلت ما يسمى بالطبقة المتوسطة تشارف على الزوال .

ما الذي حدث ؟ هل حقا فقدت الدولة ممثلة في وزارة التجارة السيطرة على الميدان الإستهلاكي و فلتت منها مسؤولية تسيير السوق و توزيع السلع و أضحت غائبة تماما كما قال الأستاذ حسان منور ( جمعية الأمان لحماية المستهلك الجزائري )؟

أم أن الأمر مرتبط بالإرتفاع الكبير الذي تشهده مواد غذائية في الأسواق الدولية و هو ما إنعكس على أسعارها المحلية كما صرّح بذلك مسؤول تنظيم النشاطات بوزارة التجارة سامي قلي للإذاعة الوطنية إضافة إلى المضاربة و الإحتكار الذي يمارسه تجار تحولوا إلى مصاصي دماء بإمتياز؟.

يرى الخبراء أن من أهم أسباب إنهيار القدرة الشرائية للمواطن إنزلاق قيمة الدينار الجزائري و وصوله إلى أدنى مستوياته مقابل العملات الأجنبية , كما يؤكدون أن التركة الثقيلة التي تركها النظام السابق للسلطة الجديدة نتيجة سوء التسير و الإدراة ضاعفت من حدة هذه الأزمة بحيث أدت إلى نظام إقتصادي متهالك , و قد زاد من حدة هذه الأزمة التبعات السلبية لجائحة كورونا و تداعيتها على الإقتصاد العالمي بحيث إرتفعت أسعار المواد الإستهلاكية في السوق العالمية فيما عرفت أسعار النفط   تراجعا لمستويات قياسية كما إعتبروا أن الجفاف الذي تعرفه البلاد أدى إلى تراجع الأنتاج الزراعي و معه تناقص قابله زيادة الطلب و بالتالي إرتفاع الأسعار 

تعددت الأسباب و النتيجة واحدة فقر و حاجة و جوع ثلاثية صنعت بؤس البعض فيما صنعت سعادة البعض الأخر ألا يقال أن مصيبة البعض تصنع سعادة الأخرين فالمضاربين من التجار أطلقوا العنان لجشعهم و لسان حالهم يقول اليوم و ليس كل يوم فألهبوا السوق بأسعار جنونية وصفها البعض بالموجة بينما هي في الحقيقة تسونامي .

نريد حلا

نريدحلا يصيح المواطن البسيط و ليس كلام جرائد كما يقول, فالتحجج بإرتفاع الأسعار في السوق العالمية أضحى أغنية قديمة لأن نفس هذه الأسعار عرفت إنخفاضا ملحوظا مؤخرا لكنها لا تزال على حالها في بلادنا أمر لا يدهشنا لأننا إعتدنا عليه فما يرتفع عندنا لا ينخفض أبدا إلي طلع ما يحبطش قال أحد المتسوقين متهكما ثم أٍردف قائلا نخشى أنه في الجزائر الجديدة سيعيش الشعب على الحديدة .

و لعل صرخة البسطاء لم تذهب في مهب الريح هذه المرة ,إذ إثر إجتماع مجلس الوزراء الأخير أسدى رئيس الجمهورية عدة أوامر و توجيهات و تدابير للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن من أهمها تخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي و رفع النقطة الإستدلالية في الوظيف العمومي و كذا التنسيق المحكم بين وزارتي التجارة و الفلاحة بهدف الرقابة القصوى على المواد الفلاحية و البقوليات و العجائن, كما وجّه إلى تكليف وزير العدل حافظ الأختام بإعداد مشروع قانون خاص بمكافحة المضاربة في أجل أقصاه تاريخ إجتماع مجلس الوزراء المقبل تصل فيه العقوبة لمن يتلاعب بقوت الجزائريين إلى 30 سنة كونها جريمة كاملة و دعا إلى تشديد الرقابة الميدانية على المحلات التجارية لمنع الزيادة غير المبررة في أسعار المواد الغذائية مع السحب النهائي للسجلات التجارية للمتورطين .

قديما قيل إن في العالم مايكفي حاجة الإنسان لا جشع الإنسان فهل ستكون هذه الإجراءات و التدابير كفيلة بكبح جماح هذا الجشع ؟ الإجابة ستكون من خلال أسعار يتمنها المواطن غدا في متناول جيبه

كتبه: وهيبة بومزال

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.