متحف المجاهد نضال جديد للتعريف بمآثر الثورة في الجنوب

تقبع بقايا طائرة قديمة من الحرب التحريرية في وقائع حرب معركة عرق شاش وحيدة يحرم الزوار أنفسهم من الاطلاع عليها ومعرفة تاريخها بمتحف المجاهد بولاية أدرار فماذا نعرف عن هذا  المتحف وهل توجد متاحف أثرية نحرم أنفسنا من زيارتها في ولاية أدرار.

الزائر لمتحف المجاهد بولاية أدرار سيرى أبوابه المفتوحة على الدوام تستقبلك بصور المجاهدين والثوار الذين يترسخ إسمهم في الذاكرة الوطنية إبان الحرب التحريرية و الثورات الشعبية المقاومة للاحتلال ,حتى أن رفوفها تضع لنا شواهد  وبطاقات تعريفية ترمز للمجاهدين بولاية أدرار , حيث يقدم متحف المجاهد الذي تم إفتتاحه بشكل رسمي سنة 1997شواهد تم توثيقها عن المجاهدين ,كبقايا الألغام و الأسلحة التي استخدمها المجاهدين إبان الثورة التحريرية , وهوبمثابة ركيزة تظهر تضحيات الثوار ومشاركات ولاية أدرار وشعبها في الثورة التحريرية .

حيث يدعم متحف المجاهدين بأدرار العديد من النشاطات التي تأتي ضمن الإحتفالات الوطنية المخلدة للثورة التحرير و عيد الاستقلال والمجاهدين ,لكن بالرغم من ذلك فإن عدد الزوار للمتحف يعتبر ضعيفا نسبيا , فيما يلاحظ الزائر من أول وهلة حاجة المتحف للترميم  حيث دعا مدير المتحف السيد عبد الرحمن لمحرزي من خلال لقائنا معه لحاجة المتحف الماسة لترميمه , وحاجته لإختصاصين في مجال المتاحف وعلوم المكتبات والتوثيق  وحتى في  إطار الهيكل التنظيمي .

 إذ يعتبر متحف المجاهدين ملكية خاصة تابعة لوزارة المجاهدين كان يخضع للسلطة المركزية لمتحف المجاهد الوطني بالعاصمة ,وبعدها تحول تابع للمتاحف الجهوية , فحسب تصريح مدير المتحف السيد عبد الرحمن لمحرزي فإن  “متحف المجاهد هو متحف تابع للمتحف الوطني للمجاهد , هدفه جمع مآثر الثورة الشعبية والثورة التحريرية في الفترة بين 1830-1962 ,وهو جامع للشواهد المادية والمعنوية للوثائق و شهادات المجاهدين الثوريين ” ,فهو  واحد من المتاحف الوطنية  التابعة لمتحف الوطني للمجاهد بالعاصمة والذي تم إفتتاحه 1982 في عهد الرئيس بومدين ,فقد كان ضمن فكرة الوزير عباد منتصف الثمانينات الذي دعى لإفتتاح متاحف وطنية تشمل مختلف  الولايات ومع منتصف التسعينات. تم تقرير فتح متاحف على  مستوى الجنوب الغربي  كالنعامة وسعيدة و أدرار ونحو الوسط بغردايةتحديدا في متليلي و من الجهة الشرقية للجنوب بورقلة وتقرت وذلك من خلال خلق  ورشات متحفية تجمع الوثائق والشواهد التاريخية وتسجيل الشهادات الحية للمجاهدين 

حرص  متحف المجاهد بأدرار على جمع الأدلة رغم صعوبة ذلك نظرا لعدم امتلاك الوسائل المناسبة كالكاميرات وأدوات التسجيل آنذاك  ,لكن الندوات العلمية ساعدت في تمكينه من تقديم الشهادات الحية للمجاهدين، إذ عرف أول منتدى له في سنة  بتيميمون 1999 عندما كان تحت إدارة المدير السابق مولاي عمار الذي أبرز مساهمات الولاية في الثورة التحريرية و كذا  إقامة معارض متنقلة وملتقى وطني لإحياء ذكرى  التفجيرات النووية بالجامعة الأفريقية والذي أصبح ملتقى دوري يقام بين أدرار و الهقار نظرا لتضرر المنطقتين من الجرائم النووية الفرنسية التي أودت بحياة الجزائريين, و لا تزال أضرارها مستمرة حتى الآن من خلال الأمراض المستعصية التي يعاني منها سكان تلك المناطق وأثرت على جياتهم بمختلف الأمراض . كما شارك مدير المتحف في البرامج الإذاعية في إذاعة أدرار بهدف إثراء المعارف التاريخية حول منطقة أدرار و الجنوب الغربي بشكل عام ‘لى جانب التعريف بالقصص الثورية من خلال عدة برامج إذاعية كبرنامج “نقطة حوار” ذاكرة وطن” و “ميراث الأجيال” .

المتاحف صروح عالمية لتوثيق التاريخ 

يحتفي العالم في 18 من شهر ماي كل عام باليوم العالمي للمتاحف تقديرا على أهميتها في الحفاظ على التاريخ وتوثيق حياة الشعوب وعرضها للعالم وتقديم خدمة عامة في ترسيخ التراث الثقافي والعلمي للحقب التاريخية التي مرت علينا , وهو ما يجعل العديد من الدول تدعم إنشاء المتاحف نظرا لما لها من أهمية قومية وثقافية و سياحية لتكون مؤسسات غير ربحية بأهداف بحثية ومعرفية بحثة , لكن هذا يجعلنا نتسائل دوما لماذا لا يقدم متحف المجاهد خدمات مماثلة لما تقدمه المتاحف الأثرية بعرض تماثيل أو شواهد لحقبات زمنية قديمة , فحسب ما وضحه لنا مدير متحف المجاهد  بأن  متحف المجاهد   يهدف دوما لإبراز شواهد الثورة في  الفترة الإستعمارية من 1830إلى 1962 من خلال جمع  الرسائل و المقتنيات الأثرية المرتبطة بالثورات الشعبية وثورة التحرير الوطني ومن مهامه القائمة هي حفظ هذه الشواهد وترميمها حسب المقاييس المعمول بها ,كما يدعم متحف المجاهد جمع المعلومات والمراجع العلمية وتبادل الخبرات مع مختلف الجامعات ومدارس من خلال الرحلات العلمية لتلاميذ المدارس والنشاطات الطلابية والكشفية .

كما تساهم المتاحف في توثيق المعلومات وتصحيحها  ونشرها عن طريق المطبوعات والمجلات ووسائل الإعلام السمعية والبصرية , كما يكون من ضمن أشغاله تنظيم الملتقيات و المشاركة في الفعاليات الوطنية التي تحيي الذاكرة الوطنية , فيما تختص المتاحف الأثرية والعامة على تقديم  صورة عن الحياة الإنسانية والحضارات المتعاقبة من فجر التاريخ إلى وقتنا الحاضر .

قد لا تملك ولاية أدرار متاحف أثرية خاصة تشابه المتاحف العالمية كااللوفر أو المتاحف البريطانية الشهيرة ,رغم كونها من المناطق التي لها قدرة هائلة على جلب السياح وأعين الباحثين الفضولية , فهي تقع في الجنوب الغربي وجزء من الصحراء الكبرى التي يسعى جميع محبي التحف الأثرية اكتشافها والتعرف على ما يخبؤه التاريخ في جعبتها, إذ يرى المؤرخون بأن ولاية أدرار عاشت فيها شعوب عبر مختلف الحقب الإنسانية وكانت جزءا من الحضارات الإنسانية ما قبل التاريخ ,كما عرفت تعاقب مختلف الأديان عليها كاليهودية والمسيحية والإسلام , وقد ذُكرت في عدد كبير من الكتب والمخطوطات كونها منطقة عبور تجارية هامة تربط بين الشمال و غرب السودان ,وعرفت هجرات متنوعة إليها من طرف أقوام وشعوب من غرب السودان وأفريقيا ومصر وحتى من السريانيين والعرب , وهو ما جعلها  تملك حواضر مفتوحة وقصور وقلاع جعلها ساكنتها كمناطق للعيش فيها والإحتماء من ظروف الطبيعة الصحرواية القاسية وهجمات الأعداء المستمرة ,والتي ظلت قائمة ليومنا هذا في مختلف أقاليم توات وقورارة وتيديكلت تروي تاريخ القدماء ك:تميمون وتمنطيط وتسابيت وتيط , وهذه المناطق بشواهدها العمرانية الفريدة ستصبح مناطق هامة نحتاج لإستغلالها كمتاحف مفتوحة توثق الإرث الحضاري والتاريخي للمنطقة , ولها قدرة على جلب كم هائل من السياح والحفاظ على الموروث الثقافي من خلال عدة نشاطات ثقافية وفلكلورية كالأهليل أو الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف وعاشوراء  و السنة الأمازيغية وغيرها من المناسبات التي تفتح آفاقا لجلب السياحة والرفع من القوة الإقتصادية والثقافية بولاية أدرار .

المتاحف هي مؤسسات هامة لتوثيق الماضي والتاريخ وجعله موروثا راسخا ينقل تجارب الماضي و يحافظ على الذاكرة الوطنية وهي مصدر هام لتقوية الأمن الثقافي و السياحي ,يساهم في صون الثقافة القومية ,لكنها تظل دوما لبذل جهود تتوافق مع تطورات العصر ومشاركة المختصين لتأسس على مبادئ منطقية وعلمية  .

كتبه: رافعي محمد محي الدين

تعليق 1
  1. لمحرزي عبد الرحمن يقول

    مشكورين على المجهودات المبذولة للتعريف بالمتحف في يومه العالمي، وفقكم الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.