المهرجانات والفعاليات سبل السياح الأجانب نحو المناطق الصحراوية بالجزائر 

تسعى الجزائر لدعم القطاع السياحي من خلال وضع برامج لاستقطاب السياح في المناطق الجنوبية خلال الموسم الشتوي ,حيث أعلنت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية عن فتح أرضية رقمية على مستوى موقع  مديرية السياحة والصناعات التقليدية لفائدة الوكالات السياحية و السياح الأجانب الراغبين بزيارة المناطق الجنوبية  بالجزائر , إذ أفاد البيان الذي وضعته الوزارة عن إمكانية استفادة السياح الأجانب مباشرة لتأشيرات التسوية بالمدة المتوافقة مع فترة الرحلة السياحية المنظمة لهم وفق التشريع المعمول به  كما ستقدم وثيقة للسياح  من طرف الوكالات السياحية تسمح لهم بالركوب عبر الطائرات التابعة لمختلف  شركات الطيران بالمطارات القادمين منها. يهدف هذا الإجراء لتيسير الطريق أمام السياح الأجانب لزيارة  المناطق الجنوبية بالجزائر وهو ما كان يطالب به أصحاب الوكالات السياحية من اجل تجاوز الإجراءات الصعبة التي تقف أمام السياح حتى يتمكنوا من الولوج  للجزائر دون صعوبات , حيث أبرزت الجزائر في السنوات الاخيرة سعيها لدعم القطاع السياحي  تمتاز الجزائر بالموسم الصيفي الذي يعتبر موسما خاصا بالسياحة الشاطئية وزيارة المناطق الساحلية بينما يستغل الموسم الشتوي في دعم السياحة الجنوبية بالمناطق الصحراوية في الجنوب الغربي والشرقي  ,وفضلا عن ذلك  فالجزائر تزخر بأجندة ثقافية من شأنها خلق رزنامة سياحية يتبعها السياح في رحلاتهم نحو المناطق الجنوبية من خلال إستقطاب الأحداث الثقافية والأعياد الدينية إضافة لاحتضان المهرجانات  و التظاهرات العالمية و الدولية التي تمثل حافزا لجلب السياح .

المهرجانات والفعاليات العالمية لدعم السياحة الصحراوية 

تتميز السياحة الصحراوية بالجزائر بامتلاكها عدة مؤهلات ستجعل منها مناطق هامة لجلب أكبر عدد من السياح سنويا إذا تم إستغلال المهرجانات والتظاهرات الفنية الوطنية و الدينية التي تشكل فرصة لدعوة الشخصيات الفكرية والتبادلات الثقافية والإقتصادية مع الزوار و الساعين للبحث والسياحة والترفيه  فبإحتضان الجزائر للصالون  الدولي للسياحة والأسفار في طبعته الواحد والعشرون بالعاصمة خلال 29 من سبتمبر لغاية 2 من اكتوبر الذي أبرز أهمية استغلال السياحة بالجزائر ومقومات السياحة الصحراوية إذ أشارت محافظة الصالون صاليحة ناصري على مشاركة  20 وكالة سياحية تنظم خرجات سياحية في تاسيلي  و الأهقار وكذا الوادي و بشار و تيميمون وتاغيت ,فضلا عن 300 عارض وطني و240 فضاء مفتوحا برز فيه التمازج  في تصميم الفضاءات الصحراوية لبوابة تيميمون والقصبة العتيقة , وقد تجاوز عدد الحاضرين لنحو 80ألف زائر ومشاركة أجنبية لتونس وتركيا و إيطاليا واسبانيا وروسيا وعن أهمية الصالون اكد وزير السياحة والصناعات التقليدية ياسين حمادي بأنها تعد فرصة لفتح صفحة جديدة في تاريخ السياحة الجزائرية وجعلها تساهم في التنمية الإقتصادية بإمتياز , حيث يولي المخطط الحكومي على إيلاء السياحة مكانة هامة لتساهم في الاقتصاد الوطني وهو ما يدعو لضرورة التعامل مع وكالات أجنبية وهو ما خرج به الصالون الدولي باعتماد أول وكالة أجنبية سياحية من الصين شاينا بلاديوم هولداي وسيفتح المجال مستقبلا لفتح وكالات سياحية أجنبية  داخل الجزائر لتسهيل المبادلات والرفع من التنمية الاقتصادية والسياحية في الوطن .

ستسعى الوكالات السياحية لجلب السياح من كل بقاع العالم وتوجيه أنظارهم نحو الصحراء الجزائرية لما تحويه من مناظر طبيعية خلابة و الرفع من حس المغامرة لديهم إذ  سيمكن تسهيل الإجراءات على السواح المتوجهين نحو الجنوبفرصة للبحث عن المغامرة واكتشاف الثقافات الصحراوية ,حيث تعزز الدور الثقافية و الرياضية  والمهرجانات إستقطاب الأعين نحو هذه المناطق  ففي هذه السنة عرفت الصحراء الجزائرية عدة مهرجانات وفعاليات من شأنها جلب عدد كبير من السياح من داخل وخارج الوطن فقد عرفت الجزائر إحصاء  70 ألف زائر لتاغيث و بني عباس وتيميمون خلال رأس السنة لعام 2022 ,و لا تخلوا الأجندة الثقافية من المناسبات والفعاليات الثقافية كمهرجان السبية بإليزي وتمنراست ومهرجان الزربية التقليدية  و إحتفالات  السنة الامازيغية التي يحتفى بها كل عام في ولايات جنوبية مختلفة وتقدم داعما للصناعات التقليدية والحرفيين لتسويق منتجاتهم للزائرين , كما أن المدن في الولايات الصحراوية قد تخرج من إطار المناسبات التقليدية إلى إحتضان الفعاليات الرياضية والثقافية كإحتضان الالعاب الأولمبية و المناسبات الثقافية كالأيام السينما الجنوب ببشار و فعاليات مسرح الصحراء الدولية بأدرار الذي جلب أكثر من 16 عشر دولة لحضور فعاليات المسرح فضلا عن إعادة إحياء مسرح الشارع في الفضاءات المفتوحات والتي كانت عبارة عن المناطق الاثرية بأدرار من شأنها أن تقدم صورا هامة على المنطقة وتثبت فعالية هذه المهرجانات في دعم قطاع السياحة , فضلا عن مهرجان الأهليل الذي يصنف من التراث اللامادي لدى اليونسكوا بطبعته الخامسة عشر حتى الآن بولاية تيميمون ,تعرض فيه اكثر الحفلات الفلكلورية والشعبية للمنطقة مما يضمن إمكانية جلب السياح بإستغلال المناسبات و الأعياد فحسب الدراسات العلمية فإن السائح المتوجه نحو الصحاري لايسعى للبحث عن المظاهر المدنية  و الفنادق الفارهة بل يسعى دوما للتعرف على العادات والتقاليد المجهولة والتي بقيت على أصالتها في هذه المناطق فضلا عن البحث على المغامرة وممارسة الرياضات كسباقات الرالي والعدو على الرمال وكرة الشاطئ ,وتسلق الجبال كما يسعى الكثير للتوجه لرحلات عبر قوافل الإبل والخيول ورحلات التخييم و تتميز الجزائر عن غيرها من صحاري العالم بتنوعها الثقافي و البيئي والجغرافي حيث تملك منطقة الأطلس الصحراوي المتميز بالهضاب العليا والصحراء الكبرى و منطقة الواحات شمال الصحراء التي تتواجد فيها الواحات والبحيرات ومنطقة  الصحراء الكبرى حيث يتواجد العرق الكبير وعرق شاش , إذ تمثل منطقة الأهقار المنطقة المميزة لدى السياح بولاية تمنراست يتوجه إليها  السياح   لمشاهدة أجمل غروب وشروق للشمس جبال أسكرام إذ  تبعد 80كلم عن عاصمة الولاية وترتفع ب2800كلم عن سطح البحر وكذلك منطقة التاسيلي التي تبعد عنه ب220 كلم التي تملك سلسة جبلية صخرية يتوجه لها الرواد للمغامرة .

السياحة الدينية و ابعادها العالمية 

يثبت نجاح الفعاليات الصحراوية عن قيمة هذه المنطقة وتقديم ثقافتها وتراثها بل وحتى تراثها الدينية إذ تحتضن مدن مثل غرداية و أدرار وورقلة وبشار  عدة فعاليات دينية سنوية كاحتفلات المولد النبوي و ذكرى عيد الإمام وفضلا عن  احتفالات الطرق الصوفية والإباضية التي تمثل اختلاف التنوع الثقافي والطائفي حتى ان هذه الفعاليات تمكنت من جلب الأجانب من دول مختلفة عبر الندوات العلمية والملتقيات الفكرية التي تثمن القيمةالتاريخية والعلمية للمناطق الصحراوية حيث كان آخرها في ملتقى المغيلي للحوكمة وإستقرار المجتمع  شهر ديسمبر 2022والذي جلب عدد من الباحثين وأقارب الإمام المغيلي لزيارة مناطق صحراوية بالجزائر كغرداية و ورقلة و تيميمون ادرار , مما أعطى بعدا إفريقيا وعالميا لشخصية إسلامية جزائرية تمكنت أن تجمع شمل الباحثين والمفكرين في الشأن الإسلامي نحو المناطق الجنوبية .

زيارة وفود من افريقيا وآسيا لورقلة خلال رحلتهم في الاماكن التي زارها الامام المغيلي عبر الوطن

نجاح السبل السياحية في المناطق الصحراوية في العالم 

صور من حفل إفتتاح كأس العالم بقطر

أثبتت  المؤشرات العالمية بأن المناطق الصحراوية تملك عدة عناصر لاستقطاب السياح في العالم  كمصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر والمغرب وحتى الصحاري الامريكية حيث تمكنت قطر خلال سنة 2022 من التفوق على نفسها لاحتضان أهم فعالية عالمية بمونديال 2022 لكأس العالم بتكلفة الذي جلب عائدات تصل إلى 17 مليار دولار حتى نهاية  2022 واحصيت  العائدات المباشرة إلى حد 2.2 مليار دولار أميركي مع إرتفاع لمؤشر النمو الإقتصادي بمعدل 3.4 بالمئة فيما من المرجح أن تشكل العائدات الطويلة الأجل بين 2022-2035 لتصل نحو 2.7 مليار دولار , عمل مونديال قطر على جلب الإستثمارات الضخمة لقطر وجعل منها قبلتا هامة للسياح كما تستثمر دول خليجية عدة كالإمارات والسعودية كل السبل لتقديم السياحة الصحراوية والتعريف بتراثها متغلبتا على كل العوائق كإرتفاع درجات الحرارة وتوفير الفنادق المناسبة والمناخ , وتسبق مصر والأردن في هذا المجال كونها تمثل وجهة سياحية مرتقبة كل عام بمتوسط 3 مليون سائح كل عام وذلك لقدرتها على الترويج للسياحة عبر تراثها والسينما والإنترنت , سيكون أمام الجزائر شوطا كبيرا لمنافسة هذه الوجهات السياحية الشهيرة وذلك بتحدي المعوقات الأساسية والمتمثلة في توفير وسائل النقل المناسبة وتهيئت الطرق التي تربط بين المواقع الأثرية بالصحراء , كما يحتاج الأمر لتأهيل الوكالات السياحية وتكوين خبراء في هذا المجال مما يفتح المجال للرحالة وسكان تلك المناطق للجعلها مكسبا يقف أمام البطالة و يخلق فرصا جديدة للعمل ,ويدفع بعجلة الإستثمار والتنمية في هذه المناطق 

صور من حفل إفتتاح قطرلكأس العالم2022 تستعرض فيه صورا لعاداتها وتقاليدها الصحرواية

 لكن بعيدا عن هذه المعوقات فتملك السياحة الصحراوية بالجزائر فرصة لتكون أنجح وذلك لامتلاكها واحدا من أهم المقومات التي يبحث عنها السياح وهو الغموض والمغامرة وتجاوز المألوف الذي عهدوه ,كما أن المساعي لدعم وتطوير الإنتاجات السينمائية كتجهيز مشروع قصر السينما بتيميمون ستمثل فرصا هامة للترويج للمناطق السياحية وذكر تاريخها كما سيعمل على جلب المنتجين العالمين ودور الإنتاج لإختيار الجزائر منطقة جديدة للتصوير الأفلام السينمائية

إن تيسير السبل أمام السياح الأجانب لزيارة المناطق السياحية للجنوب سيفتح آفاقا جديدة للقطاع السياحي بالجزائر يحتاج دعما واستغلال كل الموارد الثقافية والدينية لهذه المناطق لتكون قبلة منتظرة لدى سياح العالم سنويا .

كتبه: رافعي محمد محي الدين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.